اليوم هو اليوم الأول من العام الميلادي الجديد 2019، عامٌ جديد محمل بإذن الله بالفرح والصحة والنجاحات للجميع يا رب، في أحايين عديدة تكون البدايات جميلة، بداية أي شيء، كبداية حياة لمولود للتو قدم للحياة بصحة جيدة، بداية عمل جديد جيد، بداية علاقة زواج قامت باتفاق وتفاهم، بداية لعلاقة صداقة صحية، بداية لحمية غذائية للتمتع بجسم صحي، بداية للإقلاع عن عادات سلبية كادت تهلك صاحبها، بداية لتصحيح مسار خاطئ ظل الإنسان لسنوات عديدة متخذه منهجا له، العديد من البدايات الرائعة والجديدة الموجودة بحياتنا وحوالينا تريد منا فقط أن نبحث عنها ونجددها وننفض عنها الغبار، أحيانا تصبح البدايات لكثير منا إدمانًا جميلا يضيف لنا الكثير، وأحيانا لا ندرك عواقبه علينا إذا ما كانت بداية الشيء غير ما كنا نتوقع وتجاهلنا تأثيرها السلبي ومع ذلك استمررنا عليه. نحن غالباً ما نعشق البدايات، لأنها تحمل من الإثارة والتشويق ما يستحق أن نعيشه بكل تفاصيله، ونكره النهايات عادة (نهايات العمل، السفر، العلاقات... الخ) لأنها تحمل من الشجن ما يجعلنا نشعر بأن حقبة من أعمارنا قد انقضت لن تعود حتماً، حتى لو تركت في مخزون ذاكرتنا ذكريات جميلة نضعها في خانة الأوقات السعيدة، التي يتشكل منها ما نعتقد أنه الحياة التي نريد أن نعيشها، أو عشناها فعلاً، ونتمنى أن تستمر على الوتيرة نفسها، أو أن تكون أفضل مما عشناه، لذلك نحن لا نستطيع أن نفصل أنفسنا عن المنعطفات الأخرى في دروب حياتنا، لكننا نستطيع أن نختار منها ما نعتقد أن له تأثيراً كبيراً فيها أو عليها، وأن نطوع هذا المنعطف أو ذاك كي يكون له أثر إيجابي علينا وليس سلبياً. عن البدايات كتب الكثيرون وفي كل الميادين وتحدث أغلب من كتبوا قصة حياتهم عن بداياتهم والصعوبات أو التحديات التي حدثت لهم في بواكير حياتهم، وكيف واجهوها وتغلبوا عليها بالإرادة والصبر والعزيمة، لتصبح هذه البدايات الصعبة جزءاً من رصيدهم ودرسا لهم في الحياة، فصنفهم الناس في الخانة التي يعتقدون أنهم يستحقونها بين المكافحين من البشر، الذين صنعوا مجدهم بأيديهم (وبعرق جبينهم)، وتجاوزوا العقبات التي غالباً ما تضعها الحياة في طريق الناجحين، الذين لا تهزمهم المصاعب، بل يهزمونها ويطوعونها لصالح تحقيق أهدافهم. أما النهايات (وأغلبها الدرامية) فكتب عنها وتحدث عنها أصحابها لكن ليس كثيرا، إما لأنهم اختاروا عدم الكتابة عنها لأسباب هم مقتنعون بها، أو لأن الحياة لم تمهلهم حتى يكتبوا عن هذه النهايات، فتكفل الآخرون بكتابتها نيابة عنهم، كل حسب رؤيته، أو موقفه، أو الزاوية التي ينظر منها، والمساحة التي تقع في دائرة رؤيته، وأحياناً النظارة التي يضعها على عينيه، أو القبعة التي يضعها على رأسه. أعود لبداية مقالي وللحديث عن البدايات التي يلمع فيها كل شيء أمام أعيننا، تتغذى أرواحنا على نشوة البدايات، فننسى أن البداية فرصة متكررة يجب أن نجيدها كل مرة ونحسن التعامل معها حتى نصل إلى نقطة الحسم، وحينئذ يمكن أن نتوقف عند هذه النقطة ونطلق عليها «نقطة النهاية» أو اللاعودة. لا نريد إلا بدايات تنبت سعادة وحبا وفرحا وأملا بإذن الله، ولا يمكننا إنكار ما أكده عمر طاهر بأن «لولا سحر البدايات لتوقف الكون عن الحركة».