إن الطريقة التي ترى بها نفسك تحدد ما تثمر عنه حياتك، فالصورة الذاتية هي مفهومك عن نفسك، وهي نقطة الانطلاق لتجارب وخبرات حياتك، فهي أشبه بإناء كبير تصب فيه جميع قناعاتك الشخصية عن ذاتك بحيث تختلط وتندمج لتشكل مفهومك عن قوتك الذاتية. فإذا تشكل الخليط من مفاهيم الخوف والتشكك وعدم الأمان، فإن جميع تحركاتك سوف تعكس تلك العواطف السلبية نفسها، وعلى الجانب الآخر إذا كانت صورتك الذاتية تقوم على الحب والشجاعة والاحترام والإيمان فإن جميع خبراتك الحياتية سوف تعكس تلك العواطف الإيجابية نفسها. وتحدد صورتك الذاتية مدى قدرتك على العطاء والتلقي، ومقدار تفاعلك مع تجارب الحياة وإمكانياتها التي تواجهك، فهي أقرب للمغناطيس الذي سيجذب أو يطرد سمات أو أحداثا بعينها في مشوارك الشخصي، لأنك تجذب من الأفكار ما يترافق مع ما تؤمن وتشعر به حيال نفسك، فإن كنت ترغب في جذب الصحة الطيبة والبهجة التي تحلم بها، فعليك أن تكتسب صورة ذاتية متوافقة مع الأفكار وداعمة لها. وبما أن قدرا كبيرا من الصورة الذاتية يتم اكتسابه من خلال المرحلة الأولى من الحياة وخصوصا خلال الأعوام السبعة الأولى، فهل يمكن للمرء إحداث تغيير جذري في صورته الذاتية؟. يمكنك معرفة الإجابة حين تتأمل بعمق في نموذج حشرة اليرقة الهشة الملتصقة في الأرض، حيث يقودها الجوع والضعف، ولكنها تتعرض لتحول عميق جذري يجعلها تتحول لتصير أجمل الفراشات، المنطلقة بحرية وخفة في السماء. لديك القدرة الفريدة على أن تصنع تجربة حياة جديدة بتغيير مخزونك الداخلي عن نفسك، بأن تتخلص من أفكار الشك الداخلي، وتملأ عقلك باستمرار بأفكار ومشاعر الصورة الذاتية التي ترغبها. إن الخطوة الأولى لاكتساب صورة ذاتية تساعدك على تحقيق أهدافك هي في تحليل تجاربك الحالية والسابقة، فهل تعتبر نفسك شخصا ناجحا على الدوام، وكيف تتعامل مع نجاحاتك وإخفاقك؟ هل تتعلم الدرس وتتحرك للأمام أم تستنفد طاقاتك في التشكي وإلقاء اللوم؟. إذا كانت الحياة بستانا فأنت البستاني، ولكل بذرة تبذرها نتيجة تحصدها، والحياة مواسم ومراحل، وما تغفل عن تعلمه في مرحلة يعد تحديا محتملا في المرحلة اللاحقة، وكلما زرعت المزيد من البذور الجيدة، ستزداد خصوبة محصولك وتزدهر صورتك الذاتية.