تتعالى من وقت لآخر شكوى هنا وتذمر هناك من القطاع التجاري، على الكثير من القرارات التي طالت (سعودة) مجموعة من المهن، وكذلك الرسوم التي تم فرضها على العمالة الوافدة، من منطلق أن هذه القرارات تتسبب برفع تكلفة التشغيل بشكل صارخ، وترفع فاتورة الرواتب إلى حد قد لا تتمكن الكثير من الشركات العاملة في حقل التجزئة من تحمله، خاصة وأن وزارة العمل أصدرت قرارات ملزمة ب (سعودة) أكثر من 11 نشاطا من أنشطة التجزئة وحصر العاملين فيها على السعوديين. نعم، لم تكن تلك القرارات متوقعة بهذه الشمولية وخلال تلك الفترة القصيرة التي تمت بها، ولكن كان يجب أن يتم ذلك كجزء من إصلاح الخلل في سوق العمل من جهة وفي الاقتصاد الوطني ككل من جهة أخرى. إذن، التذمر والشكوى ولمجرد رفع الصوت وإيجاد مبررات لفشل بعض الإدارات في تحقيق النتائج المرجوة في بعض القطاعات غير مقبول، لأن تنظيم تلك القطاعات و(توطين) الوظائف فيها قد يُخفض من نسبة الأرباح على المدى القصير، ولكن بالتأكيد لن يسبب الخسائر إلا لتلك المنشآت غير المنظمة وغير القادرة على التطوير والتطور وتلك (الرخوة) في بنيتها الإدارية والمالية. لقد عانى قطاع التجزئة من التضخم الأفقي، وأصبحت الكثير من أنشطته كما (البالون) منتفخة في مظهرها خاوية في جوهرها، ومثل تلك القرارات تُعطي لكلٍ حصته الحقيقية من السوق، ويستمر من هو قادر على التكيف مع متغيرات السوق على قاعدة (البقاء للأفضل)، يا (معالي التاجر) العزيز، آن الأوان للدولة أن تتخلى عن دورها الرعوي القائم على المنح والهبات وتحمل الأعباء نيابة عن القطاع الخاص، لأن استمرار هذا الدور ليس فقط لا يقدم، بل يؤخر في قدرة المجتمع على التطور والنمو. والحل يكمن في ايجاد قطاع خاص قوي وقادر على تحمل مسؤولياته، رغم أن فعاليات هذا القطاع غير مؤمنة بعد بالدور المطلوب منها، ولا تعي تماما الأهداف الحقيقية للنهج الاقتصادي الجديد لرؤية المملكة 2030. ألست معي (معالي التاجر) بأن المطلوب الآن من الحكومة أن تقوم ب (دور أبوي) بديلا عن الدور الرعوي، وقد بذل هذا الأب كل جهد لتربية هذا الابن والانفاق عليه ومنحه كل ما يحتاج إليه، وآن الأوان لهذا الابن أن يكبر ويتولى أمره دون تذمر، وإن احتاج هذا الأب في نصيحة أو توجيه فحتما سيجده. (معالي التاجر) تفرغ لتنظيم العمل وتطويره والتركيز فيه، وكفاك تذمرا وشكوى، فالبقاء للأفضل.