أثبتت التجارب السابقة أن الاقتصاد العالمي يتمتع بمناعة ضعيفة وتكاد تكون معدومة في مواجهة التحديات والأزمات الكثيرة. وتبدو الصورة أكثر وضوحاً لدى الحديث عن مستوى المنافسة في الاقتصادات الكبرى حول العالم، التي تستهدف السيطرة على الاقتصاد العالمي من دون الالتفات إلى تأثيرات ذلك في الاقتصادات الصغيرة والناشئة وخططها التنموية. ولاحظت شركة «المزايا القابضة» في تقرير أسبوعي أن التحديات والأزمات «تأخذ طابع التركيز القطاعي، إذ يمكن قطاع واحد الولوج إلى الاقتصاد العالمي، في أزمة أو في تراجع وتيرة نشاطه. فيما يعول الاقتصاد العالمي في أحيان كثيرة على قطاع محدد للخروج من التحديات المالية والاقتصادية». ورأى التقرير في هذا المجال ضرورة تأكيد «صوابية قرارات الاستثمار في عقارات التجزئة تحديداً وقطاع التجزئة عموماً منذ البداية في كل الاقتصادات. في حين يُتكّل على هذا القطاع لحماية الاقتصادات المتقدمة والناشئة، والحفاظ على وتيرة النشاط الاقتصادي الإنتاجي والخدمي، والاستقطاب السياحي في ظروف الانتعاش والتراجع». وأفاد بأن «الصورة تبدو ضبابية حالياً في اقتصادات ناشئة ومتقدمة كثيرة، في وقت تدلّ مؤشرات كثيرة على إمكان حدوث تراجع في وتيرة النشاط الاقتصادي، برز أولها من الصين». ورصد «مخاوف تحيط باقتصادات دول المنطقة من إعادة تقويم الموازنات المقبلة، والتي ستكون من دون شك متحفظة وأكثر اقتراباً من التوزان بين الإيرادات والنفقات المتوقعة خلال العام المقبل، تفادياً للدخول في مزيد من العجز المالي». وعلى رغم واقعية هذه الاتجاهات وجدواها، «ستحمل في طياتها تأجيلاً وإلغاء لمشاريع التنمية وخطط الإنفاق على البنى التحتية والمشاريع العقارية، التي تديرها الدول وتنفق عليها، ما سيؤثر في حصص شركات القطاع الخاص من المشاريع المطروحة». وفي ظل استقرار مؤشرات أسواق النفط على مستويات أسعار متدنية رجّحتها مصادر عالمية كثيرة متخصصة، ببقائها على نحو متوسط عند 53 دولاراً للبرميل في الفترة المقبلة، «سيلجأ معظم الدول إلى حفز القطاعات الاقتصادية الأكثر تأثيراً في أهداف تنويع مصادر الدخل، وفق خطط واستراتيجيات قصيرة ومتوسطة الأجل». وأشارت «المزايا» إلى «الدور الكبير للتوجهات الاستثمارية والقوانين الضامنة لها، وانتهاج آليات عمل الأسواق الحرة خلال الفترة الماضية، في القدرة على مواجهة الظروف الاقتصادية المتغيرة». وتبدو السوقان القطريةوالإماراتية الأكثر نجاحاً على مستوى المنطقة في هذا الاتجاه، وتأتي البحرين في المرتبة الثالثة في قدرتها على المنافسة وفتح السوق أمام الاستثمارات الأجنبية». وتحلّ الإمارات في الطليعة، «بقطاع عقاري متنوع وكبير وهي قادرة أكثر من بقية الدول على مجاراة التطورات المالية والاقتصادية العالمية، وهي تتمتع بقطاع تجزئة ناشط، لكن يفتقر إلى مقومات المنافسة والحداثة». وفي قطر «تبدو قرارات الاستثمار في عقارات التجزئة في تسارع ملموس، لأن الاقتصاد القطري على موعد مع تشغيل عدد كبير من الأسواق التجارية الضخمة بحلول عام 2017. إذ تفيد البيانات المتداولة بأن السوق القطرية ستشهد دخول عدد متزايد من المشاريع خلال السنوات المقبلة». ولفت التقرير إلى «الدور الكبير للقرارات الاستثمارية الخاصة بعقارات التجزئة خصوصاً وتجارة التجزئة عموماً في الإمارات على مستوى الكفاءة الاقتصادية التي يتمتع بها اقتصادها حالياً، والمرجّح أن يكون من أفضل الاقتصادات أداءً على مستوى المنطقة، على رغم الضغوط التي تواجهها الدول النفطية خصوصاً والاقتصاد العالمي عموماً». ولافت أن قطاعي الضيافة والتجزئة «يسيران في خطوط متوازية في الدعم والتنشيط الاقتصادي، كما تتواصل مشاريع البناء وتنسجم في ما بينها لرسم صورة اقتصادية لا مثيل لها بين قطاعي التجزئة والضيافة». وأورد التقرير أن البيانات المتداولة تشير إلى أن عدد زوار الإمارات هذه السنة «سيتجاوز 16 مليوناً بنمو نسبته 7.6 في المئة مقارنة بعام 2014. فيما تقدر العائدات ب 67 بليون درهم (نحو 18 بليون دولار)». وفي المملكة العربية السعودية، أكد تقرير «المزايا» أن مدينة جدة تُعدّ «نموذجاً قابلاً للتعميم والمقارنة بأسواق المنافسة على مستوى عقارات التجزئة وعقارات الضيافة». حيث تفيد المؤشرات بأن سوق عقارات التجزئة والضيافة «تسجل حالة من التطور والانتعاش وتقترب من ذروة الطاقة التشغيلية لها». ولم يستبعد «تسجيل زيادات إضافية في الإيجارات حتى نهاية العام الحالي». واستناداً إلى مستويات الطلب المسجلة «تُعتبر المساحات المكتبية محدودة، وبالتالي باتت توقعات ارتفاع الإيجارات متوقعة ضمن معدلات الإشغال المسجلة». ورجّحت الأوساط العقارية في مدينة جدة أن «يرتفع المعروض الإجمالي من مساحات عقارات التجزئة بنسبة 35 في المئة خلال العامين المقبلين، في حين حافظ القطاع الفندقي على نسب إشغال مرتفعة بلغت 75 في المئة منذ مطلع السنة». ويعني ذلك أن المدينة «تتمتع بنسب إشغال إيجابية للاستثمار والمستثمرين، لذا يمكن تأكيد الدور الكبير للقوانين والتشريعات المالية والاقتصادية في تنشيط القطاعات الاقتصادية الإنتاجية والخدمية». واعتبر تقرير «المزايا» أن «الفرص الاستثمارية التي توفرها قطاعات التجزئة سواء كانت تتصل بقطاع البناء أو بحركة الاستثمار بقطاع التجزئة من حيث الإنتاج والتسويق والتصدير، من أهم الخيارات أمام معظم دول العالم حالياً، للحفاظ على البناء الاقتصادي لديها والتخفيف من التأثيرات الناتجة من التقلبات الاقتصادية المتواصلة والتي تصل في أحيان كثيرة إلى ما يمكن اعتباره أزمة». وشدد على أن «النجاح في تأسيس قطاع التجزئة بكل مقوماته وإدارته وتطويره سيكون له انعكاسات إيجابية على اقتصادات دول المنطقة والعالم».