تحسينات عديدة طرأت على الخدمات المقدمة من وزارة العمل، منذ أن أعلنت عن مبادراتها من خلال مشروع «100 يوم»، والذي يهدف لبناء شراكة حقيقية مع القطاع الخاص بعد فترة من الصعوبات التي واجهته خلال السنوات السابقة، وتلك التحسينات تعتبر مؤشرا لبداية مسار التحول الحقيقي لوزارة العمل لتحقيق مستهدفات برنامج التحول الوطني كما تم الإعلان عنها مسبقا. وزارة العمل بدأت في تطبيق بعض من مبادراتها بشكل دوري منذ أن أعلنت عن مشروعها، ومن ضمن المبادرات المهمة التي تعمل عليها هي مبادرة «توثيق ورقمنة العقود الإلكترونية» والتي تتطلب توثيق عقود العمل بين العامل وصاحب العمل، وأنا شخصيا أرى أهمية كبيرة لتلك المبادرة حال تطبيقها، وأتمنى أن يتم توسيعها بشكل إستراتيجي أكبر لتحسين بيئة العمل في القطاع الخاص بالمملكة. من خلال إطلاعي على ممارسات الموارد البشرية المطبقة في القطاع الخاص، أرى أن ما زال هناك خلل في ممارسات الدخول والخروج للعاملين فيه، وتلك الممارسات لو تم تطويرها وتنظيمها سنصل لأرقام ومؤشرات أداء مهمة ستساعد أصحاب القرار في وزارة العمل على تطوير بيئة العمل للقطاع الخاص في المملكة. كوجهة نظر شخصية أرى أهمية لوجود تنظيمين مرافقين لمبادرة «توثيق ورقمنة العقود»، أولى تلك التنظيمات هو ربط الموافقة على طلبات الاستقدام لجميع الوظائف باشتراط وجود وصف وظيفي معتمد من المنشأة «بغض النظر عن حجمها» للوظيفة المراد الاستقدام عليها، ويتم إطلاع وتوقيع العامل المستقدم على الوصف الوظيفي لمعرفة مهامه ومسؤولياته التي سيقوم بها في عمله وتوثيق ذلك إلكترونيا، ويشمل ذلك أيضا جميع الوظائف التي يتم دعمها ماديا من قبل صندوق الموارد البشرية، وثاني تلك التنظيمات هو اشتراط وجود «مقابلة للخروج» والتي تعرف ب «Exit Interview»، ويشترط من خلال تطبيق ذلك توقيع العامل وتوضيح أسباب إنهاء العلاقة العمالية مع صاحب العمل ويتم توثيق ذلك إلكترونيا. من المهم أن يكون هناك توازن بين حماية العامل وحماية صاحب العمل ومنشآت القطاع الخاص، ومن المهم أيضا ألا نضغط على أصحاب الأعمال بأنظمة لحماية العامل «بشكل مفرط»، فكلما ارتفعت تكلفة فصل العامل فسيكون ناتج ذلك التردد في التوظيف المستقبلي بالإضافة للتسريح الحالي، وكلما «أفرطنا» بحماية العامل من فقدان العمل و«تجاهلنا» حماية أصحاب العمل والمنشآت فسيكون ناتج ذلك خروج لمنشآت من السوق كانت توفر فرصا وظيفية بالوقت الحالي وربما خلق فرص وظيفية عديدة مستقبلية، وليس المحافظة على وظائف الأيدي العاملة السعودية كما يتخيله بعض المختصين أو أصحاب القرار في وزارة العمل. توثيق ورقمنة العقود بالإضافة لتوثيق الوصف الوظيفي ومقابلة الخروج ستصب إيجابيا على تحسين العديد من مؤشرات سوق العمل، وسيشمل تأثيرها إيجابيا على تقليل المخالفات الحاصلة في سوق العمل، وستكون دافعا قويا لتطوير تطبيق العديد من ممارسات الموارد البشرية في القطاع الخاص والتي تشهد ضعفا بالرغم من الإصلاحات الحاصلة في سوق العمل. أرى أهمية كبيرة في الاستعجال بتأسيس الملحقيات العمالية، التي تم الإعلان عنها قبل فترة، ودور تلك الملحقيات سيكون كبيرا في تنظيم سوق العمل من خلال تفويضها بصلاحيات قبل وصول انتقال العامل الوافد للعمل في المملكة، وبنفس الوقت أرى هناك أهمية لتعزيز الشراكات مع منشآت القطاع الخاص المختصة في خدمات الموارد البشرية بما أن التركيز المستقبلي لصندوق الموارد البشرية سيكون منصبا على التوظيف والتأهيل. ختاما.. التأسيس الصحيح مهما كان مكلفا في البداية سيبقى تأثيره أكبر مستقبلا على جميع أطراف سوق العمل.