في الأسبوع الماضي تداول الكثير خبرا عن أن وزارة العمل والتنمية الاجتماعية تدرس إقرار سلم وظيفي لموظفي القطاع الخاص قريبًا، وكانت الردود والتفسيرات متباينة حول ذلك، ولم تخل ساحات التواصل الاجتماعي من مقترحات وتوقعات حول هذا التنظيم وربطه بما يسمى الحد الأدنى للأجور، وساد الغموض حول هذا التوجه المهم لمعالجة تشوهات كثيرة في سوق العمل، وفي هذا المقال سأكتب عن وجهة نظري حول أهمية وتأثير وجود السلم الوظيفي لموظفي القطاع الخاص. سأستعرض مثالين يتم تطبيقهما حاليًا في العديد من منشآت القطاع الخاص وخاصة في الأحجام المتوسطة وما فوق، وللأسف يتم الأخذ بهما كأفضل الممارسات في سوق العمل ويتم استنساخ تلك الممارسات في العديد من المنشآت الأخرى، أول تلك الأمثلة الاعتماد في سلم الأجور على «المؤهل العلمي» كأساس، فنجد من خلاله أن المنشأة تربط العلاقة طرديًا بين أجورها والمؤهل العلمي لموظفيها، وهذا المبدأ في إستراتيجيات الموارد البشرية يعتبر خاطئا وغير منصف أبدًا، والمثال الآخر الاعتماد على «جنسية الموظف» كأساس في تحديد الأجر بالرغم من عمل الموظفين في نفس المهام والمسؤوليات، وهذا التوجه يعتبر مخالفة صريحة لسياسات منظمة العمل الدولية التي تحظر على جميع الدول التي صادقت على اتفاقيات معها بأن يكون هناك أي تمييز للأجر وفقًا للجنس أو الجنسية. تحديد الأجور في أي منشأة بالقطاع الخاص يعتمد على سياسة العرض والطلب، والمنشآت الحريصة على موظفيها تعمل دائمًا على تحديث سلم الأجور الخاص بها وفقًا للمتغيرات العديدة التي تطرأ على سوق العمل، ووفقًا لأفضل الممارسات العالمية فقد تم تحديد ذلك كل 3 سنوات، وما تقوم به بعض المنشآت في «تمييزها العنصري أو العلمي» في تحديد الأجور يعتبر توجها خاطئا ومن المهم تصحيح مساره بضوابط، فتلك السياسة الخاطئة تُقيد فرص العمل والفرص الاقتصادية والمهنية، ولها تأثير سلبي كبير على الإنتاجية والكفاءة وزيادة التراكم المعرفي داخل سوق العمل بالإضافة لاستقرار الموظفين وتطويرهم خاصة للكفاءات المحلية. هناك عناصر كثيرة يعتمد عليها تحديد الأجر لكل وظيفة «تقييم الوظيفة، حجم وَنشاط المنشأة بالإضافة لموقع المنشأة جغرافيًا»، فمن يعتقد بأن تطبيق سلم أجور موحد هو الحل على جميع منشآت القطاع الخاص فهو مخطئ، فالمسألة لها تسلسل معروف يبدأ من وجود هيكل تنظيمي يتبعه تحليل للوظائف ثم وجود وصف وظيفي واضح ومن ثم تقييم للوظيفة حتى نصل لتحديد سلم وظيفي واضح وقابل للتطبيق. أعتقد بأن المقصد فيما تم تداوله عن هذه الدراسة هو توجه وزارة العمل لاشتراط وجود سلم وظيفي لكل منشأة في لائحتها الداخلية دون التدخل في أي أرقام يتم ذكرها، وإذا كان الهدف تشجيع وزيادة الطلب على الأيدي العاملة السعودية بالوظائف «المتوسطة الأجر وما فوق» فالأساس في ذلك هو وجود محفزات فعلية للتوظيف بالقطاع الخاص بالتنسيق مع صندوق الموارد البشرية وبإعادة النظر في برنامج نطاقات الموزون الذي تم تأجيله، أما بالنسبة لباقي التفسيرات فتعتبر اجتهادات فردية يتم تداولها، وتطبيقها لن يعود بالنفع على سوق العمل بل يزيد من تشوهاته. ختامًا.. المؤسف في سوق العمل السعودي أن يتم النظر إلى شركة واحدة على أنها هي الوحيدة التي تطبق أفضل الممارسات في سوق العمل، ويتجه أصحاب الشركات الأخرى إلى تطبيق نفس سياسات تلك الشركة في خطوة سلبية وغير منصفة، ولذلك أتمنى من وزارة العمل أن تستعجل في اشتراط وجود سلم وظيفي في اللوائح الداخلية لمنشآت القطاع الخاص، ومنع تطبيق أي تمييز فيه.