قرأت تصريحا صحفيا لأحد مسؤولي صندوق تنمية الموارد البشرية «هدف» ذكر فيه أن تسرب الموظفين السعوديين من وظائف القطاع الخاص يقدر بنحو 30%، وأن أكثر حالات التسرب تكون في الشهور الثلاثة الأولى من التوظيف، ونافياً أن يكون هناك تسرب من سوق العمل في المملكة، والغريب في التصريح أن المسؤول يرى نسبة التسرب طبيعية، والواقع أنها عكس ذلك خصوصاً بوجود برامج تم تصميمها لدعم بقاء الموظف السعودي في وظيفته بالقطاع الخاص كبرنامج «مكافأة الجدية للعمل»، وبرنامج «مكافأة أجور التوطين»، ولو حللنا تلك النسبة لوجدنا أن هناك عوامل كثيرة أدت لوصولها لهذا المعدل. التسرب الوظيفي له 3 أنواع: الأول هو الحالات التي تبدأ من صاحب العمل، والثاني يتعلق بالحالات التي يبادر فيها الموظف كالاستقالة والتقاعد المبكر، أما النوع الثالث فهو يتعلق بالأحداث القهرية كالوفاة أو الوصول إلى سن التقاعد، ومن وجهة نظري الشخصية أرى أنه ليس من السهل التحكم في نسبة التسرب الوظيفي بالقطاع الخاص، فهناك عوامل داخلية وخارجية مهمة لها تأثير كبير على معدلات التسرب الوظيفي، فالعوامل الداخلية تتعلق بالإجراءات الداخلية داخل منشآت القطاع الخاص (مثل وجود سياسات داخلية مميزة، وجود بيئة عمل جذابة، وبرامج تطوير وتدريب، ووجود مسار وظيفي واضح، والأجور)، أما العوامل الخارجية فتتعلق بالأنظمة التي يتم تطبيقها على منشآت القطاع الخاص، ويأتي تأثيرها بشكل كبير عندما لا يتم التفرقة بين أحجام المنشآت في سوق العمل، ويتم تطبيق نفس «جرعة» الأنظمة على جميع المنشآت في وقت واحد. لو أنا أملك القرار، لأجبرت جميع منشآت القطاع الخاص على إجراء «مقابلة الخروج» عند خروج أي موظف من سجلاتها، ويتم تسجيل أسباب الخروج في موقع خاص لوزارة العمل بوجود معلومات التواصل مع الموظف الخارج من المنشأة، ومن خلال هذا التوجه سيتم نشر معلومات عن أسباب التسرب الوظيفي في القطاع الخاص بشكل دوري في جميع وسائل الإعلام للاستفادة منها، وأيضاً سيتم الحد من عمليات التوظيف الوهمي التي تنتهجها بعض المنشآت للحصول على مميزات معينة لفترة محددة متجاهلة بأن هذا النهج له تأثير كبير في إحصائيات اقتصادية يتم بناء الكثير من القرارات عليها. يجب أن تكون نظرتنا واسعة للأجيال القادمة، ويجب أن نركز على عوامل مهمة جداً لها تأثير كبير على خلق فرص عمل حالية ومستقبلية، وتلك العوامل تترابط وتتشكل في التالي: النمو السكاني والتوسع الجغرافي في المملكة، مواءمة مخرجات التعليم مع احتياج سوق العمل، أثر تطور التكنولوجيا على تقليص فرص العمل، نقل منشآت القطاع الخاص إلى مرحلة التطور التنظيمي، كيفية نقل الفرد من عاطل إلى موظف وبعد ذلك من موظف إلى صاحب عمل.