أكد الأكاديمي في جامعة أم القرى والباحث في التاريخ والآثار د. سلطان الغامدي أن مشروع «درب زبيدة» يحظى برعاية خاصة مُنذ أن وحد الملك عبدالعزيز المملكة العربية السعودية، فتكفلت الدولة بحمايته وإدارته وكونت إدارة خاصة به عام 1346ه، فنتج عنها إدارة أوقاف عين زبيدة. وقال الغامدي ل «اليوم» إن إدارة العين اهتمت بمرافق القناة وتوفير الخدمة للحجيج وغيرهم، كما تم توسيع بعض القنوات القديمة وتوسيع القنوات الفرعية، وهناك تتفرع منها عدة قنوات لتصل إلى عرفة، وتم عمل برك ليشرب الحجاج منها يوم عرفة، وإيصال قنوات فرعية مغلقة من القناة الرئيسية تصل إلى مزدلفة ومن ثم تصب في بئر كبير في مشعر مِنى اسمه «بئر زبيدة»، لافتاً إلى أن العمل على القناة استمر لأكثر من 1200 عام إلى أن تمت الاستعاضة عن مائها بمشاريع تحلية مياه البحر التي وفرت المياه للمواطنين وزوار المقدسات. وعن تاريخ البئر أوضح الغامدي، أن السيدة زبيدة بنت جعفر المنصور زوجة الخليفة هارون الرشيد قدمت للحج عام 186ه، وشاهدت حجم الصعوبات التي تواجه الحجاج خلال رحلتهم ووجودهم في المشاعر المقدسة إذ يحملون الماء في قِرب على أكتافهم ممّا يؤدي إلى إصابتهم بالإعياء والبعض يموت من التعب فأمرت بحفر قناة لجلب الماء من مناطق تساقط الأمطار في وادٍ بين مكةالمكرمة والطائف يسمى «وادي نعمان»، وعملت على إنشاء أحواض لتجميع ماء الوضوء؛ حيث تنساب هذه المياه إلى البساتين التي كانت موجودة لريها فقد أخبرها بذلك أحد المهندسين المشرفين على تنفيذ العمل فقالت له «اعمل ولو كلفتك ضربة الفأس دينارًا»، واشترت جميع الأراضي والعقارات التي تمر بها قناة العين من وادي نعمان إلى مكة، واستمر العمل بالقناة 10 سنوات، وكان قد تكلف المشروع 1.700.000 مثقال ذهب، والمثقال يساوي 4.25 جرام أي أن التكلفة تعادل 7.225 كيلو جراما من الذهب بما يعادل اليوم 1.1 مليار ريال تقريبًا، وقالت: «تركنا الحساب إلى يوم الحساب». يذكر أن للسيدة زبيدة مشروعا آخر وهو تأمين طريق الحجيج من الكوفة إلى مكةالمكرمة وتوفير برك مياه وحوالي 30 بئرًا لتسقي الحجيج يسمى «درب زبيدة» وهو مختلف عن مشروع «عين زبيدة» وهذا يدل على أنها أدركت قيمة الخدمة التي تُقدم للحجاج وغيرهم بمشروعيها، وقد أُدرج "درب زبيدة" ضمن مشاريع برنامج خادم الحرمين الشريفين للعناية بالتراث الحضاري للمملكة، والذي تنفذه هيئة السياحة والتراث، ضمن مبادراتها في برنامج التحول الوطني.