حول ما صدر عن حكومة كندا في تدخلها بالشؤون الداخلية في المملكة، قال الأكاديمي والمحلل السياسي د. أحمد الركبان: إن الأصابع القطرية الموغلة بالتأثير السياسي في التفريق بين المملكة والقوى ذات السيادة وبشكل خاص في أوروبا والولاياتالمتحدة تبدو غير بعيدة عن مثل هذه الأحداث، موضحا أن هذه المحاولات جرت خلال الفترة الماضية لتعزيز كل ما من شأنه التفرقة بين المملكة وبين الدول العظمى، حيث حاولت زعزعة علاقة المملكة بروسيا، وأيضا علاقتها مع الولاياتالمتحدةالامريكية، إلا أنها فشلت، خصوصا بعد إدراك الدول العظمى، أن ما تقوم به قطر في دعم الإرهاب هو دعم مكشوف ومفضوح للجميع. وأوضح د. الركبان أن كندا تجاوزت الحد الدبلوماسي والمعقول بطريقتها وبصيغة الأمر، وهو ما يمثل تدخلا سافرا بالشؤون الداخلية للمملكة. وأضاف: هذه المغالطات وسوسة قطرية في أذن كندا المعروف عنها نومها السياسي على مستوى العالم، فحاولت قطر أن توهم أوتاوا بأنها ستعزز الاقتصاد لديهم في حالة نشر هذه الفتنة، ومن المعلوم أن غالبية من تم القبض عليهم من النشطاء الذين تم تمويلهم من قطر وبدعم من نظام الدوحة وبتواصل من بعض السفارات التي لا تدخر جهدا في محاولة زرع الفتن، وما محاولة نظام الدوحة هذه إلا ضمن تنشيط الفتنة التي تمارسها منذ 25 سنة عقب تولي الحمدين السلطة. غباء سياسي ويصف المحلل السياسي الركبان الأمر بأنه حدث نتيجة غباء سياسي تتمتع به حكومة قطر، التي زجت بكندا وعلاقتها الاقتصادية والسياسية مع المملكة بهذا التدخل السياسي السافر، مبينا أن سياسة السعودية تجابه من كل الدول على اعتبار أن المملكة لديها الخبرة الكافية وتتمتع بعقول سياسية ذهبية تجعلها قادرة على إدارة الامور، متوقعا أن تشهد الايام المقبلة في حال تدهور العلاقة الاقتصادية مع كندا، وتعثر رجال الاعمال الذين وقعوا عقودا طويلة الأجل مع السعودية ممارسة ضغوط كبيرة على الحكومة الكندية من أجل اعادة العقلانية التي أفسدتها أصابع النظام القطري التي حاولت أن توهم الحكومة الكندية من أجل أن توقع معها مشاريع ضخمة، علما بأن الدوحة تعاني هي نفسها الآن أزمة مالية ضخمة، بعدما استهلك ثلثا الاحتياط القطري في سبيل مجابهة الأزمة في قطر، والتي أوجدتها مع الدول الأربع الداعية لمكافحة الإرهاب، المملكة والامارات ومصر والبحرين. تدخلات مرفوضة واستطرد الركبان: ان التدخلات الخارجية لا تقبلها المملكة مع أي جهة كانت وأي دولة في العالم، ومعروف أن الدول القوية التي عرفت بعقلانيتها لا يمكن أن تتدخل بالشؤون الداخلية للمملكة، وهذا ما عهدناه منذ تأسيس المملكة العربية السعودية إلى يومنا هذا، وفي عهد الحزم والحسم لخادم الحرمين الشريفين، لم يتردد في الضرب بحزم، إذا كانت هناك أي محاولة للتدخل في سياسة السعودية الداخلية. ونوه الركبان بأنه لا بد من الانتباه الى أن ما قامت به حكومة كندا من محاولة فرض أوامر، يعتبر تجاوزا للأعراف الدبلوماسية في العلاقات الدولية، وكان تصرفها أرعن ضرب بالمواثيق الدولية عرض الحائط، وذلك دون أي حسبان لعلاقتها مع المملكة في المجالات الاقتصادية والتعليمية والعسكرية، إرضاء لقطر. إجراءات صارمة من جانبه، قال الكاتب والمحلل السياسي حمود الرويس: إن المملكة العربية السعودية وكندا دولتان أعضاء في الأممالمتحدة، والتي تنص أنظمتها على سيادة الدول، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأعضاء وهذا ما لم تلتزم به كندا في بيان وزارة خارجيتها وتصريحات سفيرها في المملكة، والتي مثلت تعديا على القوانين والاعراف الدولية التي تكفل للدول السيادة في إجراءاتها، مضيفا أن ما فعلته كندا، يعتبر تدخلا سافرا في الشؤون الداخلية للمملكة العربية السعودية، دون مراعاة للأعراف الدبلوماسية المعتبرة بين الدول، ما حدا بالمملكة اتخاذ إجراءات صارمة في هذا الصدد، تمثلت في استدعاء السفير من كندا، واعتبار السفير الكندي في السعودية شخصا غير مرغوب به، وعليه مغادرة البلاد خلال 24 ساعة، وكذلك إيقاف التعاملات مع كندا كرد على تدخلاتها في الشأن الداخلي السعودي، ومحاولتها فرض إملاءات، مبينا أن المملكة ليست من تملى عليها مثل هذه الاملاءات، حيث سبق أن اتخذت إجراءات مماثلة، في السابق بحق السفير الأمريكي، والسفير الألماني وكذلك السويدي، عندما حاولت دولهم ممارسة مثل هذه الأعمال بحق دولة محورية في المنطقة ومؤثرة في محيطها العربي والإسلامي والدولي. رسالة قوية وأشار الرويس الى أن المملكة العربية السعودية دولة تتمتع بسيادتها التامة، ولديها إجراءاتها الخاصة بها في الادعاء العام والمحاكمة لأي شخص ترى أنه يشكل تهديدا وخطرا على الأمن الوطني الداخلي، موضحا أنه في ظل قيادة خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين لن تتوانى المملكة في اتخاذ القرارات التي تضمن استقرارها وأمن مواطنيها والمقيمين على أرضها بحزم، ومع جميع من يحاول المساس بسيادتها، وما هذه الإجراءات الا رسالة قوية للكل، بأن المملكة العربية السعودية لن تتوانى في اتخاذ اي إجراء مع كل من يحاول التدخل في شؤونها الداخلية كما لا تقبل لنفسها التدخل في شؤون الدول الأخرى. سياسة ثابتة وفي السياق، أكد الكاتب والمحلل السياسي صالح السعيد أن البيان السعودي يعتبر تأكيدا لما هو ثابت حول سيادة المملكة، وعدم قبولها أي تدخل خارجي بسياساتها، مذكرا بعدة أحداث مشابهة في عهد الملك فهد -رحمه الله- حين حاولت الولاياتالمتحدة مرة مَس سيادة المملكة في عام 1988م، إلا أن السعودية ردت بحزم، حينما أبعدت سفير الدولة الأقوى في العالم، وكذلك قرار حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان، بإبعاد السفير الألماني في 2017، بعد محاولة بلاده التدخل بالشأن السعودي. وقال السعيد: يبدو أن مراهقي حكومة كندا تأثروا بمراهقي تنظيم الحمدين، حيث يظهر ذلك جليا من خلال تغريدات الخارجية الكندية وسفارتهم بالرياض، والتي تحمل تدخلا وقحا في شأن أمني سعودي عبر بيانها الذي جاء بصيغة الأمر، رغم أن المملكة لم تتحدث يوما عن ارتفاع معدل البطالة في كندا، منوها بأن التجاوز الكندي أقرب ما يكون مدفوعا من خارجها، خاصة وهي ذات المطالبات التي تتحدث عنها قناة «الجزيرة»- قناة تنظيم الحمدين. كندا تخسر وبين المحلل السياسي السعيد أن كندا خسرت وتخسر كثيرا بسبب قرار المملكة تجميد كافة التعاملات التجارية والاستثمارية بين الرياض وأوتاوا، وما تصريحات متحدثة الحكومة الكندية «ماري بير» -وفق «جلوبال اند ميل»- التي تتحدث عن قلق الحكومة الشديد، ومحاولاتهم التواصل مع المملكة، إلا دليل بسيط على حجم الخسارة الضخمة، بعد ساعات قليلة من البيان السعودي، وذلك حتى قبل مغادرة السفير الكندي المملكة. وأبان أن ما يعلمه الجميع عن الصفقات السعودية العسكرية من كندا، وأبرزها تلك الأضخم في التاريخ الكندي عبر المعدات العسكرية بمليارات الدولارات، لتدفع كندا الثمن مبدئيا اقتصاديا عبر هبوط جديد لدولارها بالمقارنة مع الدولار الامريكي. وقال السعيد: إن السيادة لا تُدرس في المدارس ولا الجامعات ولا تُباع في الاسواق، وأثبتت الأيام أن الرياض تقدم دروسا سياسية باذخة، لتعلم العالم مرة بعد مرة كيف هو الحكم، وكيف هي السيادة، وكيف هو الرد على من يسعى إلى المس بها سواء عمدا أو جهلا، بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان وولي عهده الأمير محمد بن سلمان، ولا عجب أن تؤدب الرياض المتجاوزين.