يستهدف منتجو المسلسلات الدرامية الأمريكيون، المشاهدين الذكور الذين تتراوح أعمارهم من الثامنة عشرة إلى الخامسة والثلاثين حسب ما تقول ريتشيل غاندين مارك في مقالتها «هل تستطيع نتفلكس تغيير المشهد التلفزيوني في الشرق الأوسط؟». وبالمقارنة مع نظرائهم الأمريكيين، تقول الكاتبة إن المنتجين العرب يستهدفون الكهلات من النساء. ويؤلف كتاب الدراما العرب مسلسلات يكون التركيز فيها على الحبكات الدرامية، دون الاهتمام بتطور الشخصيات. والجانب الأكثر لفتا للانتباه هو أن هذه المسلسلات نادرا ما تشكل تحديا أو مصدر إلهام للمشاهدين، خصوصا فئة الشباب التي تشكل جزءا كبيرا من سكان المنطقة. وتكشف مارك أنها وزملاؤها أجروا مقابلات مع أكثر من خمسين كاتبا بارزا، ومُنتِجا وتنفيذيا في شبكات التلفزة العربية. وكان محور المقابلات الوضع القائم للتلفزيون العربي. وتبين خلال المقابلات أنهم محبطون من الوضع القائم، جائعون «متعطشون» إلى إنتاج أعمال ذات محتوى محلي أكثر جاذبية ويعكس حياة الناس على نحو أفضل. كما صرحوا بأنه رغم كتابتهم وإسهامهم في إنتاج مسلسلات عربية، إلا أنهم شخصيا يشاهدون المسلسلات الأمريكية مثل «غير آمن» و«أشياء أكثر غرابة»، موضحين أن المنطقة تحتاج إلى منتجين لديهم الاستعداد للمغامرة بتقديم محتوى يخاطب الشباب. وتزف مارك البشارة إلى المنطقة العربية بأن إغفال المشاهدين العرب الشباب ستكون نهايته عن طريق «نتفلكس» التي تعمل على إنتاج أول مسلسل باللغة العربية بعنوان «جن»، يتألف من ست حلقات وتدور أحداثه في البتراء في الأردن، وسيعرض في العام 2019. لا أستبعد أن يكون «جن» ضمن مهرجان الدراما الرمضانية في رمضان القادم، لتستمتع المنطقة بمشاهدة مجموعة من المراهقين أو الشبان العرب وهم يواجهون «جني البتراء». أتوقع أن جني البتراء، أو مسلسل «جن» ليس إلا بداية تدفق المسلسلات الدرامية باللغة العربية التي ستنتجها «نتفلكس» ونظيراتها، ما سيشكل تحديا كبيرا لصناعة الدراما العربية التي ستجد نفسها في منافسة شديدة معها على اجتذاب المشاهد، كحال السينما العربية مُمثلة بالسينما المصرية التي لا يمكن القول إنها في حال جيدة ومزدهرة. فإذا كانت السينما المصرية تواجه حاليا منافسة شديدة من الدراما المصرية والسينما الأجنبية معا، فإنها والدراما العربية سيكونان على جبهة واحدة في مواجهة منتجي الدراما العربية الأجانب. ستحاول شركات الإنتاج الأجنبية «نتفلكس» وغيرها إغراء الشباب العرب وجذبهم إلى منتجها، كما بدأت «نتفلكس» ذاتها محاولة إغراء الهنود وإغوائهم عن مشاهدة الإفلام الهندية بإنتاج مسلسل «ألعاب مقدسة» الذي بدأ بثه في شهر يوليو الجاري.