اعتاد كثيرون من الناس في البلاد العربية على مشاهدة المسلسلات التلفزيونية في رمضان، وصارت القنوات الفضائية تتسابق على انتاج وشراء الأعمال التي ترضي مشاهديها. وعلى رغم خروج أعمال فنية في الكويت وقطر وسورية والعراق والأردن وتونس والسعودية في السنوات القليلة الماضية، استمرت القنوات العربية في شراء الأعمال المصرية لتعويض ضعف المستوى الفني في المسلسلات المحلية، وبقيت هيمنة المسلسل المصري على المستوى العربي. هذه السنة حاول بعض القنوات التخلص من هيمنة المسلسل المصري، لكنه فشل لأن تجاهل الأعمال المصرية يعني التفريط بالمشاهدين الذين يبحثون عن "عائلة الحاج متولي" و"حديث الصباح والمساء" و"السيرة الهلالية"، و"البر الغربي"، و"بوابة الحلواني" و"ملكة من الجنوب"، و"فارس بلا جواد"، و"الإمام سفيان الثوري"، و"الإمام ابن ماجة"، وغيرها من المسلسلات التي تعج بالنجوم ويقف وراءها كتّاب ومخرجون محترفون، وتقدم فناً درامياً ممتعاً وراقياً لا يقارن بالتمثيليات أو"الاسكتشات" التي يقدمها هواة في بعض البلاد العربية. المسلسل المصري يهيمن كل شهور السنة، ويبدو أنه سيبقى كذلك إلى أجل غير محدد، وحديث بعضهم عن هيمنة الدراما المصرية مفتعل، لأن هذه "الهيمنة" أمر طبيعي في ظل عراقة المصريين وريادتهم لهذا الفن وغياب البديل المنافس، فضلاً عن أن الدور الذي يلعبه المصريون في الدراما العربية يقابل الدور الأميركي في الدراما الغربية ولم نسمع عن دعوات غربية الى الخلاص من السينما الأميركية. إن المشاهد العربي لا تعنيه جنسية الممثل، وتهمه عروبة العمل ومضمونه، ونور الشريف في شخصية "الحاج متولي" يحاكي أنصاف المتعلمين الذين يطمحون الى الثراء السريع وتعدد الزوجات في البلاد العربية، فضلاً عن أن "الحاج نور الشريف" نضج في هذا المسلسل، وتألق في شكل كبير وجسد شخصية متولي بطريقة تثير الإعجاب والمتعة. ولا أظن أن المشاهد في الرياض أو صنعاء أو الرباط أو دمشق يفكر وهو يشاهد نور الشريف في حكاية الهيمنة، لأنه تعلم مشاهدة الأعمال الدرامية العظيمة على يد المصريين، و"الحاج متولي" في نظر المشاهد العربي لا يختلف عن "عبدالغفور البرعي" و"الرجل الآخر" و"سائق الأتوبيس"، كلها شخصيات عربية تحكي لهجة مصرية وليست مكسيكية.