هل نحن في هذا الوقت بحاجة إلى حجاج ثقفي آخر؟ إن الوضع الذي تعيشه معظم الدول العربية يجعلنا نقول أو بعضنا على الأقل: نعم نريد من يردد عبارة الحجاج الشهيرة: «إني أرى رؤوسا قد أينعت وحان قطافها». ورغم ما في هذه الجملة من شدة وغلظة ولكنها غلظة مطلوبة أحيانا من أجل إصلاح أمر الناس ودفع أضرار أطماع الكثيرين الذين أفسدوا في الأرض وصار يتبعهم جماعات من الناس أشبه ما يكون الواحد فيهم بالببغاء الذي يردد ما لا يفقه ولا يعلم مدى الضرر الذي سيلحق به من جراء ما يردده يظن أنه الحق الذي لا يخدشه باطل وهو العكس تماما ولكن زين لهم سوء أعمالهم وأقوالهم الطمع الذي يقتاتون عليه والأمل الذي يداعب أفئدتهم بالسيادة والسلطة والجاه. الأطماع بالسيادة العصبية لعنصر على آخر والمالية ضد بلد دون آخر والمذهبية ضد مذهب دون آخر كلها تطرق أبواب العالم من جديد وبشدة وكأننا نعود إلى ما قبل الإسلام وما بعده بقليلإن القرآن الكريم يقول: (إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض ذلك لهم خزي في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب عظيم) إن الذين يهددون أمن الأوطان واستقرارها والاستقامة فيها هم كذلك أعني ممن تنطبق عليهم تلك الآية الكريمة. فالمطالبة بالإصلاح الوطني لا تكون بما يطبق اليوم من بعض الفئات التي تعتقد أنها وحدها على صواب والآخر لا، أو تلك التي لا ترضخ لما يحتمه الوضع والوقت من تأنٍ في الإصلاح والمعالجة إذ يبدو أن الإصلاح صار حجة ليصلوا من خلال الثورة ضده إلى مآرب أخرى هي أبعد ما تكون عن الإصلاح وهم أبعد ما يكونون عن الاستفادة منها. إن الأطماع بالسيادة العصبية لعنصر على آخر والمالية ضد بلد دون آخر والمذهبية ضد مذهب دون آخر كلها تطرق أبواب العالم من جديد وبشدة وكأننا نعود إلى ما قبل الإسلام وما بعده بقليل حين تأرقت أمم من سطوة الدين الإسلامي واتساع رقعته التي وطئت على كرامة أقوام الحضارة والتقدم المادي والطغيان البشري.. هاهي البلاد العربية تعاني من جديد فمن لا يعاني من اضطراب نجده يغلي فوق صفيح ساخن من الحوارات التي لم تثمر حتى الآن لأن الأصوات تتعالى مختلطة فلا يسمع كل طرف إلا صوته ولهذا يثور ويمسك زناد بندقيته أو نصل سيفه في وجه من كان بالأمس يقتسم معه لقمة العيش أيا كان دينه أو مذهبه. اللهم أمنا في أوطاننا واكفنا بقوتك شرور المفسدين. [email protected]