رغم المكاسب التى جنتها روسيا من تنظيم كأس العالم الذي جعلها تسبح فى أضواء وردية، والتوهج الذى حظيت به، والتحسن الملحوظ لصورتها فى العالم، إلا ان الرئيس فلادمير بوتين سيواجه بعض التحديات فى الحفاظ على توهج بلاده داخليا وخارجيا فى مرحلة ما بعد انتهاء هذا الحدث الرياضي الكبير. وخلال البطولة العالمية التي أسدلت أستارها بنجاح باهر، تحولت خلالها شوارع وسط موسكو لمهرجان كرنفالي ليلي كبير، ادار خلاله رجال الأمن الأمور بشكل غير معتاد، وكانت البطولة مناسبة لإظهار مدى ثقة الروس بأنفسهم، وفي الترحيب بالضيوف من جميع البلدان. وفي خضم هذا الحدث العالمي، انهارت القوالب النمطية حول روسيا، وقال بوتين الاسبوع الماضي: إن الناس حول العالم يرون أن روسيا بلد مضياف، وهم يتقبلون من يأتي إلينا. وفي هذا السياق، قالت صحيفة «واشنطن تايمز» فى تقرير لها: إن روسيا نجحت فى تنظيم بطولة كأس العالم بشكل جيد، وأظهرت الحداثة والترحيب بالآخرين، فى تناقض حاد مع الصورة الشائعة عنها فى الخارج كبلد مخادع وعنيف ومتخلف بعض الشيء. ومن المؤكد أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، حاول الاستفادة من نجاح بلاده فى تنظيم المونديال اثناء مباحثاته فى لقاء القمة الذي جمعه أمس الأول مع نظيره الأمريكي دونالد ترامب فى هلسنكي. وحينما كان مستشار الأمن القومي الأمريكي جون بولتون فى روسيا الشهر الماضي لترتيب القمة، قال لبوتين: إنه يتطلع إلى تعلم كيف تعاملت روسيا مع كأس العالم بنجاح كبير. وبعد دقائق فقط من انتهاء بطولة كأس العالم بفوز فرنسا على كرواتيا، قال ترامب: تهانينا للرئيس بوتين وروسيا على تنظيم بطولة كأس العالم الرائعة، إنها واحدة من أفضل البطولات على الإطلاق وكرر التهنئة لبوتين وروسيا فى قمة هلسنكي. ولكن قد لا يبقى الاعجاب بهذا النجاح لفترة طويلة، ليؤثر على الأسئلة الكبيرة التى طرحت في قمة ترامب وبوتين ومازالت مطروحة، ويأتي على رأس هذه المشكلات ضم روسيا لشبه جزيرة القرم، والتدخل الروسي المزعوم فى الانتخابات الامريكية، والتورط بالنزاع الانفصالي باوكرانيا. من جانبه قال الباحث والمحلل السياسي فى معهد ودرو ويلسون الدولي للباحثين، ماثيو لوجنسكي: هناك فائدة هامشية فى أن يكون بوتين قد استضاف منافسة رياضية ناجحة كانت لها نغمة إيجابية وغير سياسية إلى حد كبير، ولم توفر له ميزة خاصة فى مباحثات القمة مع ترامب. بوتين من ناحيته، أبقى على مستوى منخفض نسبيا فى البطولة، وحضر فقط المباراة الافتتاحية بين روسيا والسعودية، والمباراة الختامية بين فرنساوكرواتيا على ملعب لوجينسكي فى موسكو. وشهدت شعبية بوتين فى الداخل انخفاضا كبيرا منذ بدء تنظيم كأس العالم فى 15 يونيو، إذ وجدت مؤسسة استطلاع الرأي التي تديرها الدولة، أن نسبة الروس الذين يعبرون عن عدم ثقتهم فى بوتين، ارتفعت من 20 قبل ثلاثة أسابيع، إلى 32 % الاسبوع الماضي. وفي هذا الاطار، يبدو أن هناك ارتفاعا مذهلا فى فقدان الثقة ببوتين، ويأتي ذلك فى الوقت الذي تدفع فيه الحكومة لاقرار مشروع قانون يرفع سن المعاش إلى 65 عاما للرجال، بدلا من 60، و63 عاما للنساء بدلا من 55، وتم بالفعل إرسال الاقتراح للبرلمان قبل يوم من افتتاح كأس العالم، فيما يعتقد كثيرون أنه مناورة لتقليل الفزع العام. وكتبت صحيفة فيديو موستي الروسية أن كأس العالم لم تكن قادرة على جذب اهتمام الناس بعيدا عن إصلاح المعاشات، وأن الكرملين يشعر بالقلق من أن هذه القضية قد تقلل من دعم المرشحين الموالين للحكومة فى الانتخابات الاقليمية المقررة فى الخريف المقبل. وكتب أندريه كوليسنيكوف من معهد كارنيجي موسكو: لقد تعلم عشاق كرة القدم فى العالم أن الروس يرتدون قبعات الفراء بالنجوم ويقودون الدببة بالحبال على الثلوج. ورغم أن ثقة الروس فى أنفسهم تعززت فى الاسابيع الاربعة الأخيرة، إلا أن كوليسنيكوف رفض فكرة أن يكون للبطولة أى تأثير عملي، وكتب يقول: «كنتيجة لكأس العالم لن يصبح الروس أكثر حرية، ولن تبقى الشرطة ودية، ولن يكون النظام أقل استبدادا».