أعلنت الهيئة العامة للإحصاء نشرة سوق العمل للربع الأول من عام 2018م، وأظهرت نتائج النشرة ارتفاعا طفيفا في معدل البطالة ليصل إلى 12.9%، وأتوقع أن يتواصل الارتفاع في الربع الثاني من هذا العام قبل أن نصل لاستقرار مع الربع الأخير وفقاً لمعدل الربع الثالث، وفي هذا المقال سأستعرض وجهة نظري الشخصية عن بعض الأرقام التي لفتت انتباهي بالنشرة. في لمحة سريعة عن الأرقام بالنشرة، نجد أن إجمالي المشتغلين انخفض بمقدار (247.628) مشتغلا عن الربع السابق، وكان نصيب السعوديين من الانخفاض (13.437) مشتغلا مقارنة مع (234.191) لغير السعوديين، وهذا الانخفاض فيما يخص غير السعوديين لا يعني أننا نجحنا في تقليصهم لأن الرقم يشمل العمالة المنزلية، أما بالنسبة فيما يخص متوسط الأجر الشهري للمشتغلين السعوديين فما زلت شخصياً غير مقتنع بالأرقام التي يتم إعلانها عنه في جميع نشرات سوق العمل، والسبب في ذلك يرجع عند مقارنتها مع اشتراكات المسجلين في سجلات التأمينات الاجتماعية. من الأرقام الملفتة نجد أن هناك ارتفاعا في عدد المتعطلين غير السعوديين بمقدار (15.333) متعطلا، أي بارتفاع يقارب (29%) عن الربع السابق حتى وصل عددهم إلى (68.543) متعطلا، وقد يكون أحد أسباب الارتفاع وجود خلافات عمالية طال البت فيها وينبغي معالجتها عاجلاً، وهذا الرقم من المتوقع أن يرتفع بشكل أكبر إذا تم البدء في تطبيق توطين 12 نشاطاً خلال الفترة القادمة كما تم الإعلان عنه مؤخراً، ولذلك من المهم أن يكون هناك توضيح من الوزارة لمصير من يعمل في تلك الأنشطة من الآن قبل تطبيق القرار مع الأخذ بالاعتبار أن الوزارة أوقفت خدمة تعديل المهنة منذ عدة أشهر. وفقاً للنشرة نجد أن هناك (1.552) مشتغلا غير سعودي تقل أعمارهم عن (20 عاماً) منهم (1.549) مشتغلا يخضع لأنظمة التأمينات الاجتماعية، وأيضاً نجد أن هناك (320.213) مشتغلا غير سعودي تجاوزت أعمارهم (60 عاماً) منهم (7.289) إناث و(312.924) ذكور، وبتحليل أوسع نجد أن (316.052) مشتغلا منهم يخضعون لأنظمة التأمينات الاجتماعية، وكوجهة نظر أرى أننا لا نحتاج لعمالة غير سعودية تقل أعمارهم عن (20 عاماً)، وأرى أن هناك خللا في سوق العمل بوصولنا لهذا الرقم لمشتغلين بلغوا «سن التقاعد» حتى ولو كان أغلبهم يعملون في مهن أكاديمية أو طبية أو نادرة، ولذلك من المهم التركيز على توجهات تخص تلك الفئة والعمل على آليات لإحلال جزء كبير منهم تدريجياً. أحد الأرقام التي لفتت انتباهي كانت فيما يخص المتعطلين السعوديين، فوفقاً للنشرة نجد أن (73.623) متعطلا لديهم خبرات سابقة، أي ما يقارب (9.5%) من إجمالي المتعطلين، وهذا يعني أن بطالتنا بالشكل الرئيسي تنحصر في حديثي العمل، ولذلك من المهم أن تكون حلول البطالة تتواءم معهم ونتجنب الحلول التي تؤدي إلى ولادة «البطالة المقنعة» والتي أعتبرها من أسوأ أنواع البطالة لأن تأثيرها سلبي جداً على الإنتاجية والاقتصاد وتتسبب في وجود «العمالة الناقصة» والتي لا يتمنى أي اقتصاد أن يصل لها، ولو ربطنا تلك الأرقام مع الأرقام المعلنة بالنشرة فيما يخص المتعطلين السعودين الذين سبق لهم التدريب، فسنجد أن هناك «فشلا» في برامج التدريب لصندوق الموارد البشرية. معالي الوزير، لنبدأ بفك عُرف «المركزية»، وحتى نصل لنتائج مقنعة لحلول البطالة فينبغي التعامل معها مناطقياً كأساس، وحتى نصل لاستدامة فينبغي التعامل معها سلوكياً ونظامياً مع طرفي سوق العمل وليس مع طرف واحد، وكمقترح شخصي أرى أن وجود مستشارين أو ممثلين لك في المناطق الرئيسية بالمملكة «من أبنائها» لتحسين معدلات البطالة مناطقياً سيكون أثره أكبر وذلك يعود لعدة اعتبارات منها موارد المنطقة وطبيعة منشآت القطاع الخاص فيها بالإضافة لاختلاف الثقافات وإحصائيات المتعطلين في كل منطقة، ويتم ربط نتائج العمل بمؤشرات أداء ومستهدفات حتى نصل بالنهاية لتحسين معدلات البطالة على مستوى المملكة بشكل عام.