أعلنت الهيئة العامة للإحصاء عن تطوير آلية نشر نتائج مسح القوى العاملة في المملكة وذلك بإطلاق نشرة سوق العمل والتي تتضمن نتائج مسح القوى العاملة بالإضافة لبيانات سوق العمل من واقع السجلات الإدارية لدى الجهات ذات العلاقة، وأظهرت نتائج نشرة سوق العمل للربع الرابع لعام 2016م ارتفاعا في معدل المشاركة الاقتصادية للسكان «15 سنة» فأكثر على مستوى المملكة بمعدل «1,2%» عن الربع الثالث لنفس العام، وأظهرت نتائج المسح أن معدل المشاركة الاقتصادية للسعوديين بلغ «42,2%». في لمحة سريعة عن أبرز أرقام النشرة، بلغ إجمالي المشتغلين بالمملكة حسب سجلات المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية ووزارتي الخدمة المدنية والعمل باستثناء القطاعات العسكرية والأمنية والعاملين خارج المنشآت «13,944,732 مشتغلا» منهم «2,303,332 عمالة منزلية»، وكان معدل المشتغلين السعوديين «21,95%» من اجمالي المشتغلين، وكشفت النشرة أن إجمالي عدد السعوديين الباحثين عن العمل بلغ «917,563 فردا» يشكل الذكور منهم ما يقارب «19,35%» والإناث «80,65%» وفقاً لسجلات برنامج حافز وبرنامجي جدارة وساعد التابعين لوزارة الخدمة المدنية بالإضافة لمركز المعلومات الوطني، ويجب التنويه هنا بأن المقصود بمصطلح الباحث عن عمل لا يعني أن يكون متعطلا عن العمل كأساس إلا إذا استوفى شروط البطالة كما هو متعارف عليه اقتصادياً، ووفقاً لمسح القوى العاملة كشفت النشرة أن معدل البطالة للسكان السعوديين «15 سنة فأكثر» بلغ «12,3%» بارتفاع طفيف مقارنة بالربع الثالث من عام 2016م والذي كان «12,1%». في هذا المقال سأتجاهل الحديث عن ارتفاع معدل البطالة حتى ولو كان بنسبة طفيفة مقارنة بالربع الثالث من نفس العام، والسبب في ذلك أن عام 2016م يعتبر عاما قاسيا على الاقتصاد السعودي وأساسا لمشوار يمتد لخمسة عشر عاما قادمة تماشياً مع رؤية المملكة 2030، وشهد نفس العام متغيرات عديدة أدت لخلخلة في القطاع الخاص تسببت في خروج عدد من المنشآت من السوق واتجاه الأغلب منها لخفض التكاليف بالاستناد على تسريح العمالة. من أرقام النشرة المعلنة لفتت انتباهي أرقام من مؤشري أداء مهمين وهما «مؤشر الباحثين عن العمل» و «الفئات العمرية للمشتغلين غير السعوديين»، فمن خلال المؤشر الأول نجد أن إجمالي عدد السعوديين الباحثين عن العمل بلغ «917,563 فردا» يشكل الذكور منهم «177,573» و الإناث «739,990»، ومن خلال القراءة التفصيلية للأرقام بالنشرة نجد أن أعلى نسبة للسعوديين الباحثين عن العمل تركزت في الفئة العمرية بين «27 - 36 سنة» بنسبة قاربت «52,8%»، وفيما يخص الذكور فتمثل الفئة العمرية «17-26 سنة» الفئة الأعلى من حيث عدد الباحثين عن العمل، وفيما يخص الإناث فتمثل الفئة العمرية «27 - 36 سنة» الفئة الأعلى من عدد الباحثات عن العمل، ومن جهة أخرى بالنسبة لأرقام المؤشر الثاني والمختص بالفئات العمرية للمشتغلين غير السعوديين، نجد أن هناك «336,521 مشتغلا» غير سعودي تمثل أعمارهم «60 سنة وما فوق» ويشكل الذكور منهم «326,942» والإناث «9,579»، ولو ربطنا تلك الأرقام فيما بعض فسنجد أننا أمام استفسارات مهمة جداً يجب أن نجد لها إجابات وافية، فهل نحن بحاجة لجميع أعداد المشتغلين غير السعوديين والذين تجاوزت أعمارهم «60 سنة»؟، وهل هناك توجه لتوفير فرص عمل نوعية للسعوديين الباحثين عن عمل أم نكتفي بالتوجه الكمي؟. في مجتمعنا تسود نظرية أن صاحب الخبرة هو الشخص الأنسب لاستلام المنصب، وللأسف يتم ربط الخبرة في هذه الحالة بالعمر فقط دون النظر للعديد من العوامل الأخرى التي يمتلكها الفرد، ووجهة نظري الشخصية أن هذه النظرية تؤدي إلى ضعف التطور الاقتصادي وتؤدي إلى قتل الحيوية والإبداع لفئة الشباب. وفقاً لواقع سوق العمل بالمملكة نجد أن أغلب المشتغلين غير السعوديين ممن تجاوزت أعمارهم «60 سنة» هم أصحاب أعمال نظاميين أو مشتغلين في مهن أكاديمية أو طبية، ولذلك من المهم أن يكون هناك تحرك فيما يخص أي مشتغل غير سعودي «باستثناء أصحاب الأعمال» ممن تجاوزت أعمارهم «60 سنة» وعدم تجديد اقامتهم في المملكة، بالإضافة لذلك من المهم العمل على حصر جميع الوظائف التي يشغلها غير السعوديين ممن تتجاوز أعمارهم «60 سنة» ومن ثم البدء في تهيئة كوادر سعودية لإحلالهم خلال فترة معينة في مثل هذه الوظائف، فالشباب السعودي أثبتوا أنفسهم في العديد من المناصب والوظائف القيادية، وقادرون على شغل جميع المهن الحرجة إذا تمت تهيئتهم لذلك. ذكرت سابقا اننا في حاجة لعدة مسارات عند معالجة البطالة في المملكة وعدم الاعتماد كليا فقط على إيجاد حلول للعاطلين عن العمل في الوقت الحالي إذا كان هدفنا الاستثمار في كوادرنا البشرية، وقضية البطالة ينبغي تفرع علاجها لثلاثة مسارات رئيسية: «مسار للعاطلين عن العمل حاليا، ومسار للخارجين والداخلين المحتملين لسوق العمل خلال فترة محددة، ومسار لتوسيع القاعدة الوظيفية»، وبعد إطلاعي على نشرة سوق العمل الأخيرة التي تم الإعلان عنها فتمسكي أصبح أكبر فيما يخص العمل على تلك المسارات بالإضافة إلى أهمية تقسيم كل مسار على حسب الجنس باستقلالية عن الجنس الآخر، ومن خلال الأرقام التي ذكرتها في المقال نجد أن الصورة أصبحت أوضح للعمل على المسار الأول والثاني وبشكل عاجل، فأمامنا فرصة كبيرة للاستفادة من أكبر قدر ممكن من كوادرنا إذا اتخذنا القرار الصحيح فيما يخص «336,521 مشتغلا» غير سعودي تمثل أعمارهم «60 سنة وما فوق». أي علاج للتوظيف في أي اقتصاد يعتمد على الدخول والخروج، وإذا اردنا تحقيق الهدف الإستراتيجي الثامن لوزارة العمل في برنامج التحول الوطني والمعني بتوفير فرص عمل لائقة للمواطنين فعلينا التركيز على التوظيف النوعي وليس الكمي، والإستراتيجية المهمة التي ينبغي العمل عليها تكون بتطوير العاملين السعوديين الحاليين ليرتقوا في وظائف أعلى من وظائفهم الحالية مما يؤدي لفتح مجال وفرص عمل للمستجدين على سوق العمل.