نقلة نوعية كبيرة لا يمكن إنكارها منذ تحوّل مصلحة الإحصاءات العامة إلى هيئة عامة ذات استقلالية إدارية ومالية، وقرار تنظيم هذه الهيئة كان مهمًّا جدًّا خاصة أننا كنا نعاني سابقًا من شُحّ في الوصول إلى إحصائيات وأرقام دقيقة للاعتماد عليها في إيجاد مسارات وحلول للعديد من القضايا الاقتصادية، وكان هناك غياب للعمل الجماعي واجتهاد فردي من كل جهة في الإعلان عن إحصائياتها، ولذلك كانت الحاجة لوجود هيئة محايدة ومستقلة للإعلان عن الإحصاءات وبكل شفافية. وإذا أردنا تجاوز أي مشكلة اقتصادية من خلال وضع خطط وحلول فعّالة فينبغي أن تكون البداية بوجود إحصاءات دقيقة وتفصيلية للوقت السابق والحالي، وإضافة لذلك من المهم قياس أثر الحلول مستقبلًا حتى تكون الصورة أوضح للمختصين لتلافي تفاقم المشاكل الاقتصادية، وكلما كانت تلك الأرقام والإحصاءات مدققة ومحدثة فهذا يعني مرونة التنبؤ بالوضع الاقتصادي في المستقبل لتحقيق تطور مستدام. لا أقصد بهذا المقال التقليل من الجهد الكبير الذي تقوم عليه الهيئة، وقد علقت سابقًا بأنني أحد المعجبين والمهتمين بالنقلة النوعية الكبيرة الذي شهدها القطاع الإحصائي بالمملكة، ومع كل نشرة تطلقها الهيئة العامة للإحصاء نجد أرقامًا ومنتجات مهمة، وهنا تبرز أهمية الدور الذي تقوم به الهيئة العامة للإحصاء من خلال تقديم منتجات وخدمات إحصائية ذات قيمة مضافة وفقًا لأفضل المعايير والممارسات المتعارف عليها في علم الإحصاء. ما أتمناه بحكم اختصاصي في الموارد والثروة البشرية أن تعلن الهيئة العامة للإحصاء في نشرة سوق العمل القادمة عن أرقام تفصيلية أكثر من خلال تطويرها للنشرة، وأن تتضمن النشرة القادمة الإحصاءات التالية «عدد المسجلين في برنامج ساند وفقًا للمناطق، عدد المسجلين في برنامج حافز وفقًا للمناطق، تفصيل أجور المشتغلين السعوديين وغير السعوديين حسب سجلات التأمينات الاجتماعية، توزيع مؤهلات السعوديين وغير السعوديين مقارنة بأجورهم في القطاع الخاص، توزيع مؤهلات المشتغلين غير السعوديين حسب فترة وجودهم بالمملكة، عدد المتعطلين وعدم الاكتفاء بالمعدل، معدلات وأرقام البطالة وفقًا للمناطق الرئيسية في المملكة، تقسيم الأجور للمشتغلين السعوديين وغير السعوديين وفقًا للمناطق الرئيسية في المملكة، معدل استقرار العاملين السعوديين وغير السعوديين في القطاع الخاص وفقًا لأجورهم، عدد مَن تم دعمهم عن طريق صندوق الموارد البشرية وفقًا لمؤهلاتهم، مجالات تخصص المشتغلين غير السعوديين ممن تجاوزت أعمارهم 60 عامًا والذين كان عددهم يقارب 336,521 مشتغلًا وفقًا لنشرة سوق العمل للربع الرابع من عام 2016م». وختامًا.. نتطلع في المرحلة القادمة لأن نصل إلى قطاع إحصائي ومعلوماتي فعّال وبكفاءة عالية لتلبية احتياجات المستفيدين بجودة ومصداقية، وذلك لا يأتي إلا بالتركيز على الاستقلال والمهنية والنزاهة والشفافية، ولا يسعني إلا أن أشكر القائمين على الهيئة لجهودهم المبذولة وتواصلهم المستمر مع المختصين في الإعلان عن المنتجات والإحصاءات الحديثة.