بزغ في سماء المحلية.. وبسرعة الصاروخ تربع على القمة.. قالوا عنه إنه سحابة صيف سرعان ما تنقشع.. لكنه أذهل المتابعين.. وفتح شهية من يملك الطموح ليصل لأبعد مدى..!! القديح ربته واعتنت به.. كان يحبو صغيرا بين نخيل القرية.. يحلم كثيرا.. يمارس هوايته مع الكرة الصغيرة على الأسمنت.. ونجومه يركضون ويصارعون.. لا يهم ان كانت الشمس الحارقة تلامس وجوههم.. أو زخات المطر في البرد القارس تغرقهم.. فهم من تجرع المرارة للوصول إلى العالمية بأقل الإمكانات..!! مارسوا هواية البطل في أحلامهم وتدريباتهم.. فتحقق لهم ما أرادوا محليا.. وضاعفوا أحلامهم.. فتربعوا على قمة أكبر قارات العالم.. إلى هنا قال الجميع.. كفى.. لكن قريتهم الصغيرة مازالت تنام على وسادة الأحلام.. فالنخيل الباسقات المحتلة كل اتجاهاتها ووسطها وصوت حفيف الأشجار.. وخرير المياه في مزارعها.. يجعلها تبالغ في الأحلام التي تتحول إلى واقع ملموس..!! لكنني لم أكن أتوقع أن ينسحب هذا الحلم على العالمية.. فالوصول للمونديال تم استيعابه.. ولكن إبداع الأمس.. جعل الجميع في حالة ذهول..!! مضر في افتتاح الدوحة.. كان مميزا.. عملاقا.. فيلسوفا.. والأهم أنه شرف الوطن في أبهى حلة..!! نعم.. من رحم الألم والمعاناة تولد الإنجازات.. وبالإرادة والتصميم تتحقق المستحيلات.. ومن ينظر إلى قمة الجبل فسيصل حتما لها طالما أن هناك طموحا لا يعترف باليأس.. وأملا يضيء الطريق رغم العثرات والصعوبات..!! لا أعرف لماذا تتشكل قبضة هلامية لأولئك المحرومين من الإمكانات في الألعاب المختلفة والفردية.. لتتراقص على مدائنهم وقراهم الفرح رغم ضيق اليد.. وتسكنهم أنشودة وطن في العرس الرياضي.. تلغي وتشطب من أجندتهم كلمة مستحيل..!! لست ممن يهرول بالمبالغة في محطة المديح.. لكن ما يفعله نادي مضر الصغير بإمكاناته الكبير بإنجازاته.. أمر يستحق التوقف عنده.. وتتبع مشهده وسيناريو تفوقه أكثر من مرة.. لقد حاكت تلك الآلام والمعاناة بريق الذهب في عصاميتها بكل معانيها حتى وصلت للقمة.. وكتبت في مسيرتها رواية البطل الذي لم يولد وفي فمه ملعقة من ذهب.. بل البطل الذي صنع إنجازه بطموح وكبرياء من لا يعرف المستحيل ويؤمن أن الصغير قد يتعملق على الكبار بالإرادة والتصميم..!! لم ينظر أولئك المحرومون من الدلال والعز وحتى كرامة معيشة الطفولة في قراهم ومدنهم.. لأصحاب البشرة البيضاء والعيون الخضراء والزرقاء ومن هم على شاكلتهم.. بأنهم فوقهم ولا يستطيعون الوصول إليهم.. لكنهم عملوا واجتهدوا كثيرا من رحم المعاناة.. ونجحوا في الوصول إلى مواقعهم بل وتفوقوا عليهم..!! لقد كتب هؤلاء صيغة أخرى للتميز والتفوق.. صيغة لا تعرف طعم الشيكولاتة والآيسكريم.. بل إنهم لم يسبحوا في بحر الكماليات يوما ما.. لكنهم بعزيمة وهمة نفوس الكبار.. تربعوا على عرش الألقاب..!! لم يقذفهم الريح في شرايين الضياع لضيق اليد.. لأنهم تدثروا بلحاف الصمود تارة.. والطموح تارة أخرى.. وبعزف لقمة العيش وبناء المستقبل..!! تلك فصول قصة للمحرومين في صغرهم من أبطال عالميين في الألعاب الفردية والجماعية.. ذاقوا طعم الحرمان فتفوقوا عالميا.. وتساءلت حينها.. هل رياضيو العرب ولدوا وفي فمهم ملاعق من ذهب.. لذلك ذاقوا الحرمان في كبرهم.. وجاءوا في مؤخرة الركب عالميا..؟! أسأل أولئك الذين حولوا قلة الإمكانات إلى إنجازات.. هل يستطيعون أن يبدعوا في المحافل الدولية والعالمية؟! الجواب.. ليس ببعيد.. فهذا فريق يد مضر.. من قرية صغيرة.. لا يمتلك ناديها لا المال ولا الإمكانات.. ومع ذلك وصل للعالمية.. وأبهر العالم في مواجهته الأولى أمام جامعة سيدني يوم أمس في افتتاح البطولة..!! لست ممن يهرول بالمبالغة في محطة المديح.. لكن ما يفعله نادي مضر الصغير بإمكاناته الكبير بإنجازاته.. أمر يستحق التوقف عنده.. وتتبع مشهده وسيناريو تفوقه أكثر من مرة.. إنه عنوان بارز مكتوب بالخط العريض.. لا مستحيل في عالم الرياضة..!!