كثير من المؤسسات العامة والخاصة تملك حجما كبيرا من رأس المال البشري (الكوادر البشرية المبدعة والموهوبة والمؤهلة)، ولكن قلة منهم يعلمون ان لديهم هذه الثروة وجزء آخر يعلم ولكن ليس لديه القدرة من الاستفادة من هذه الميزة التي يمتلكها ، والبعض وهم القليل يعلمون ما يملكون ويجزمون ان ما يحققونه من نجاحات ناتج عما يملكونه من رأس مال بشري الذي لا يقل أهمية عن رأس المال النقدي ، والمعروف ان من أبجديات الاستثمار ان أي استثمار يرتكز على رأس المال المستثمر ومن دونه لن يكون هناك استثمار أصلا . بلا شك اننا أمام رأسمال من نوع آخر أو قد نسميه رأس المال غير الملموس ، وما نحن بصدده في هذه السطور يمثل أهمية بالغة حيث انه احد اهم العناصر التي ساهمت وتساهم بشكل كبير في تحقيق النجاح للمنشأة ، ولكن وعندما نتحدث عن واقع الحال نجد ان العديد من الجهات تسعى لاستقطاب الأفراد من الكفاءات العالية ليس للمساهمة في خلق إبداعات جديدة أو تطوير فكر أو ممارسة جديدة ولكن للحفاظ على وضع المنشأة وتسيير أعمالها بالشكل النمطي الذي يراه ملاك أو مجلس إدارة الشركة. لذا تثار تساؤلات ، هل نستطيع ان نعترف ان رأس المال البشري مبعثر وغير مستغل ؟ أم هو بالأصل غير معروف لدينا ولم يحن الوقت ان نعترف بأهمية هذا المفهوم ونسعى الى تطبيقه ؟ في رأيي المتواضع اننا قد يكون لدينا الحالتان السابقتان خاصة اننا لا زلنا نكافح من اجل تعريف رواد الاعمال ونبحث عن الحلول لدعمهم , وبالتالي فإنني استطيع ان أقول ان هذا المفهوم لم يصل الى مرحلة النضج في بيئة الأعمال الخاصة بنا وان وصل إلى هذه المرحلة في جهات محددة فهو محدود جداً ، ويؤكد اننا نحتاج إلى التركيز على هذا المفهوم من جذوره حتى الوصول الى صناعة قاعدة مهمة وهي استثمار رأس المال البشري بالشكل الذي يتلاءم مع ما نملكه من إمكانيات وطموح . في زمن الرغبة في تحقيق نتائج متسارعة ، يطل علينا مفهوم استثمار رأس المال البشري ليتعارض مع هذا التسابق ، ويلوح بأهمية الإبداع والتجديد والقيمة المضافة والاختراع والابتكار.في زمن الرغبة في تحقيق نتائج متسارعة ، يطل علينا مفهوم استثمار رأس المال البشري ليتعارض مع هذا التسابق ، ويلوح بأهمية الإبداع والتجديد والقيمة المضافة والاختراع والابتكار مع أهمية توافر التمويل المادي لتحقيق نجاحات في احد الأوجه التي ذكرتها ، وهنا أود ان أشير ان تحقيق النجاح والإبداع ليس محصورا على شخص بل سيكون احد اهم العناصر التي تمس بشكل مباشر وغير مباشر ثقافة المجتمع وسمعة الدولة، وإذا نظرنا من حولنا نشاهد اثر نجاحات شركات مثل مايكروسوفت وابل وبوينج وسامسونج وهيونداي وتويوتا وغيرها من الشركات التي تنتج وتطور منتجات وخدمات تغير شكل العالم من لحظة الى لحظة أخرى ، وهنا أتساءل ، هل سألنا أنفسنا يوما كم استغرق بيل جيتس ورفاقه من وقت وأموال للخروج للعالم بشركة مايكروسوفت الرائدة . لدينا العديد من الجامعات الحكومية والخاصة والكثير من الشركات الاستشارية المحلية والعالمية ومبادرات مجموعة كبيرة من الأفراد والمؤسسات التي تقوم بعمل الدراسات للخروج بتوصيات للقيام بتنفيذ اعمال تحول قطاع الأعمال بكافة أشكاله الى شكل أفضل ويساهم بشكل مباشر او غير مباشر في رفاهية المجتمع ، وان كان لدينا نقص واضح في مراكز البحوث والتطوير إلا إننا نأمل ان يلقى ذلك اهتماما واسعا قريبا ، وما ذكرته عن الدراسات المعمولة او التي ستعمل فهي تمثل الركيزة الأساسية في اكتشاف وبناء رأس المال البشري ، فهل سنرى مبادرة قادمة لدعم هذا التوجه ، بلا شك سننتظر. [email protected]