وزير العدل: مراجعة شاملة لنظام المحاماة وتطويره قريباً    سلمان بن سلطان يرعى أعمال «منتدى المدينة للاستثمار»    أمير نجران يدشن مركز القبول الموحد    استعراض أعمال «جوازات تبوك»    المملكة تستضيف اجتماع وزراء الأمن السيبراني العرب.. اليوم    تباطؤ النمو الصيني يثقل كاهل توقعات الطلب العالمي على النفط    البنوك السعودية تحذر من عمليات احتيال بانتحال صفات مؤسسات وشخصيات    توجه أميركي لتقليص الأصول الصينية    إسرائيل تتعمد قتل المرضى والطواقم الطبية في غزة    الجيش الأميركي يقصف أهدافاً حوثيةً في اليمن    المملكة تؤكد حرصها على أمن واستقرار السودان    أمير الشرقية يرعى ورشة «تنامي» الرقمية    كأس العالم ورسم ملامح المستقبل    رئيس جامعة الباحة يتفقد التنمية الرقمية    متعب بن مشعل يطلق ملتقى «لجان المسؤولية الاجتماعية»    وزير العدل: نمر بنقلة تاريخية تشريعية وقانونية يقودها ولي العهد    اختتام معرض الأولمبياد الوطني للإبداع العلمي    دروب المملكة.. إحياء العلاقة بين الإنسان والبيئة    ضيوف الملك من أوروبا يزورون معالم المدينة    جمعية النواب العموم: دعم سيادة القانون وحقوق الإنسان ومواجهة الإرهاب    «سلمان للإغاثة»: تقديم العلاج ل 10,815 لاجئاً سورياً في عرسال    القتل لاثنين خانا الوطن وتسترا على عناصر إرهابية    العلوي والغساني يحصدان جائزة أفضل لاعب    مدرب الأخضر "رينارد": بداية سيئة لنا والأمر صعب في حال غياب سالم وفراس    ماغي بوغصن.. أفضل ممثلة في «الموريكس دور»    متحف طارق عبدالحكيم يحتفل بذكرى تأسيسه.. هل كان عامه الأول مقنعاً ؟    الجاسر: حلول مبتكرة لمواكبة تطورات الرقمنة في وزارة النقل    ليست المرة الأولى التي يخرج الجيش السوري من الخدمة!    ولادة المها العربي الخامس عشر في محمية الأمير محمد بن سلمان الملكية    مترو الرياض    إن لم تكن معي    الجوازات تنهي إجراءات مغادرة أول رحلة دولية لسفينة سياحية سعودية    "القاسم" يستقبل زملاءه في الإدارة العامة للإعلام والعلاقات والاتصال المؤسسي بإمارة منطقة جازان    قمر التربيع الأخير يزين السماء .. اليوم    أداة من إنستغرام للفيديو بالذكاء الإصطناعي    أجسام طائرة تحير الأمريكيين    شكرًا ولي العهد الأمير محمد بن سلمان رجل الرؤية والإنجاز    ضمن موسم الرياض… أوسيك يتوج بلقب الوزن الثقيل في نزال «المملكة أرينا»    لا أحب الرمادي لكنها الحياة    الإعلام بين الماضي والحاضر    استعادة القيمة الذاتية من فخ الإنتاجية السامة    منادي المعرفة والثقافة «حيّ على الكتاب»!    الاسكتلندي هيندري بديلاً للبرازيلي فيتينهو في الاتفاق    الطفلة اعتزاز حفظها الله    أكياس الشاي من البوليمرات غير صحية    سعود بن نهار يستأنف جولاته للمراكز الإدارية التابعة لمحافظة الطائف    ضيوف الملك يشيدون بجهود القيادة في تطوير المعالم التاريخية بالمدينة    قائد القوات المشتركة يستقبل عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني    المشاهير وجمع التبرعات بين استغلال الثقة وتعزيز الشفافية    نائب أمير منطقة تبوك يستقبل مدير جوازات المنطقة    نائب أمير منطقة مكة يستقبل سفير جمهورية الصين لدى المملكة    الصحة تحيل 5 ممارسين صحيين للجهات المختصة بسبب مخالفات مهنية    "سعود الطبية": استئصال ورم يزن خمسة كيلوغرامات من المعدة والقولون لأربعيني    اختتام أعمال المؤتمر العلمي السنوي العاشر "المستجدات في أمراض الروماتيزم" في جدة    «مالك الحزين».. زائر شتوي يزين محمية الملك سلمان بتنوعها البيئي    5 حقائق حول فيتامين «D» والاكتئاب    لمحات من حروب الإسلام    وفاة مراهقة بالشيخوخة المبكرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



النفط .. الخطر الذي يهدد أمن الخليج الثروة .. أوهام التوزيع لتبرير الأطماع
نشر في اليوم يوم 12 - 07 - 2012

لا يختلف اثنان على أن أمن الخليج هو أمن للمنطقة العربية كلها من مشرقها لمغربها وقد أثبتت الأحداث الجسام التى مرت بها تلك المنطقة الحيوية من العالم على مدار العقود السابقة وما شهدته من حروب كحربى الخليج الأولى والثانية ، أن أحوال منطقة الخليج الأمنية والإستراتيجية تنعكس سلبا وإيجابا ليس على العالم العربى فقط وإنما على حالة الاستقرار الشاملة فى منطقة الشرق الأوسط خاصة والعالم بصفة عامة . ومن هذا المنطلق تأتى أهمية التوقف طويلا عند مستقبل أمن الخليج فى ظل تصاعد المخاوف من أطماع الدول الكبرى الدولية والإقليمية من ابتلاع ثروات الخليج بل وابتلاع الخليج العربى بأكمله بحكم تمتعه بميزة استراتيجية فى موقعه تضاف إلى ثرواته محل الأطماع وهو ما يبدو واضحا فى صور عدة بدءا من تهديد حدوده وتهديد ثرواته وعلى رأسها البترول وتعكير صفو أمنه وتكديره بإثارة القلاقل السياسية والمذهبية والإثنية لخلق مبررات وهمية وحجج باطلة للتدخل فى شئون دوله الداخلية . الأمر الذى يثير علامات استفهام عديدة حول كيفية مواجهة تلك الأطماع الخبيثة فى ظل الأهمية الإستراتيجية للخليج ومدى إمكانية نجاح التصدى لها خاصة فى ظل التغيرات السياسية الحساسة التى تشهدها المنطقة. أهمية جيوستراتيجية فى البداية يحلل لنا الخبير السياسى سامح راشد مساعد رئيس تحرير مجلة السياسة الدولية بالقاهرة ثروة الخليج قائلا : إن هذه الثروة تنقسم إلى قسمين هما النفط والثروة الجيوستراتيجية وكلتا الثروتين تعدان محل طمع وتكالب إقليمى وعالمى ويقول: إذا كان أحدهما يرتبط التكالب عليه بوفرته حاليا فى حد ذاته لسنوات أو حتى عقود وأقصد النفط فإن الموقع الجيوستراتيجى يعد ثروة دائمة وثابتة لن تتغير ولن تنفذ يوما ما كالنفط ومن ثم يخطئ من يظن أن أهمية منطقة الخليج مرتبطة فقط بوجود البترول بالنسبة للقوى الخارجية بل إن أمن تلك المنطقة يعد أمنا لمصر لأن هناك ارتباطاً عضوياً بين أمن الخليج والأمن القومى المصرى بالاضافة إلى اعتبارات أخرى عديدة خاصة بالعلاقات غير الرسمية كموضوع العمالة والاستثمارات الخليجية ومصادر القوة الناعمة كالثقافة والفن والصحافة والإعلام . دول الطوق الخليجى وعن مصادر أهمية الموقع الجيو إستراتيجى لمنطقة الخليج يقول راشد : إن أهمية الخليج فى النطاق الإقليمى يرتبط بوجود أطراف ثلاثة هى: تركيا وإيران وإسرائيل ونلاحظ أن القوى الثلاث تمثل ما يشبه الطوق أو القوس المحيط بمنطقة الخليج الذى يمثل فى نفس الوقت عمقا إستراتيجيا لهذه الدول الثلاث بالإضافة إلى أن منطقة الخليج تعد معبراً أو ممراً تجاه آسيا وهى مسألة مهمة لتركيا وإسرائيل بالذات لأن إيران لديها طريق برى مفتوح على أفغانستان كان معروفاً قديماً ب "طريق الحرير" ويحاولون إحياءه الآن .ويشير الخبير الإستراتيجى أنه بناء على ماسبق تسارع دول كتركيا إلى الدخول فى مشروع ضخم جداً مع دول الخليج لإنشاء خط سكة حديد يبدأ من البحر المتوسط مروراً بالعراق بمحاذاة شاطئ الخليج وهو فى مصلحة دول الخليج أيضا لأنه سيكون بمثابة منطقة تجارية وممر تجاري وليس مائياً . ويؤكد سامح راشد أن مثل هذه المشروعات تخفف من حدة خطر التهديد الإيرانى للملاحة الخليجية ولكنها فى نفس الوقت قد تتسبب فى استعداء دول أخرى مثل إيران التى قد ترى أن مثل هذه المشروعات تأتى على حساب مصلحتها القومية . وعن توقعاته للقضاء على هذه المشاكل وتحقيق الأمن الكامل لمنطقة الخليج يقول سامح راشد: إن التوافق الكامل صعب تحقيقه على الأقل فى المدى المنظور وذلك لوجود فجوة فى الثقة وارتياب خاصة بين إيران ودول الخليج بالإضافة إلى الدور الخفى الذى تلعبه أطراف فى المنطقة لها مصالح وسياسات خاصة مع دول الجوار وفى علاقاتها بدول خارجية تتنافى مع مصالح منطقة الخليج بما يزيد من صعوبة تحقيق هذا التوافق العام الشامل. توترات وصراعات وتأكيداً على أهمية هذا البعد الإستراتيجى فى أمن منطقة الخليج لموقعه الحيوى يقول لواء دكتور جمال مظلوم الخبير الإستراتيجى والمدير السابق لمركز دراسات الخليج بالقاهرة: إنه بالنظر إلى خريطة العالم نجد أن أمريكا تتحرك شرقاً بعد الانتهاء من فكرة أوروبا الغربية والشرقية كما أن الدرع الصاروخى لم يعد على محور "فرنسا ألمانيا" ولكنه تغير ليصبح "إسرائيل تركيا". وفى ظل هذه المعطيات أتصور أن منطقة الخليج العربى صارت منطقة وثوب للتحرك شرقا . وأضاف اللواء مظلوم: إن إيران تطل على بحر قزوين ومنطقة الدول الإسلامية العائمة على بحر من البترول ولم تكتشف احتياطياتها بعد كما توجد منطقة مضيق هرمز التى يعبرها يوميا 20 مليون برميل بترول خليجى ومن ثم فكل ذلك يعطى لمنطقة الخليج أهمية كبرى بدليل الأساطيل الأمريكية المنتشرة فيها بجانب القواعد الموجودة خاصة فى قطرهذا بالإضافة إلى منطقة القرن الأفريقى وكلنا يعلم مدى أهميتها الاستراتيجية . ويستطرد اللواء مظلوم قائلا: إنه بالإضافة لذلك كله تبقى الكنوز المدفونة فى دول الخليج ولم يكشف عنها بعد مثل ما يقال عن مناجم الذهب الموجودة فى المملكة العربية السعودية والثروات المعدنية المختلفة وهو ما يجعل المنطقة محل صراع كبير بين الدول الكبرى أمثال روسيا والصين واليابان وأمريكا مشيرا إلى أن الصراع قد يكون اقتصاديا بجانب أنه وسياسياً بحكم كون الخليج سوقاً واعدةً لهذه الدول ومنطقة بكر تزخر بحركة أموال العالم كله . وعن تأثير ذلك سلباً وإيجاباً قال: إن هذه المكانة والأهمية الكبرى للخليج بقدر ما تمنحه من مقدرات سياسية واقتصادية تسهم فى إنعاشه بقدر ما تهدد دوله بالتوتر وعم الاستقرار لاحتمالات أن يكون منطقة صراع وتنافس بين الدول الكبرى على ثرواته وأسواقه والأمر يحتاج لوقت طويل كى يمكن حل مشاكل دول الخليج العديدة التى تجعله فى مأمن من توابع تلك الصراعات وعلى رأسها مشاكل التعليم والبطالة ومشاكل العمالة داخل تلك الدول . معضلة الخليج يقول بشيرعبد الفتاح الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية ومدير تحرير مجلة الديمقراطية بالقاهرة: إن منطقة الخليج لاشك أنها تقع تحت خطر إستراتيجى كبير بسبب ظروفها والظروف المحيطة بها فهى منطقة تحظى بثروات كبيرة ولكن على صعيد آخر نجد طموحاتها أقل كما تعانى من قلة الجيوش وبالتالى فقدراتها أقل فى حماية ثرواتها تلك بالإضافة إلى كونها دولا صغيرة من حيث المساحة ومن حيث تعدادها السكانى – فى أغلب دول مجلس التعاون الخليجى- أيضا ومن ثم فهذه المنطقة تواجه معضلة حقيقية فى مواجهة الأطماع الخارجية خاصة مع اختلاف المذاهب ووجود الخلافات الحدودية مع جيرانها من الدول الأخرى. ويضيف الخبير السياسى أن ما يزيد مخاطر هذه الأطماع هو كون المنطقة محاطة بمجموعة من الدول الكبيرة التى تهددها فى ظل خطر الاختلافات المذهبية مثل إيران والعراق بعد أن سيطر عليه الشيعة أيضا وهو ما يعقد الموقف ويجعل من ثروة الخليج أزمة كبرى . وعن كيفية مواجهة هذا الواقع يقول بشير :إنه لن يمكن الخروج من هذا الوضع إلا بمحاولة دول الخليج إبرام اتفاق سلام مع الدول الكبرى التى تحيطها بالإضافة إلى ضرورة اتخاذ هذه الدول مجموعة من الإجراءات لتأمين نفسها منها محاولة تطوير قوى الدفاع المشترك عن النفس وتطوير قوى دفاعية أمنية مع القوى الكبرى كفرنسا وأمريكا وكذلك تطوير القدرات الذاتية فى مجالات كالبحث العلمى وزيادة جيوشها بتشجيع الانضمام للجيش والدخول فى شراكات إستراتيجية مع الدول الكبرى لأنه كلما تشابكت المصالح وتعقدت قلت احتمالات الصدام . وعن مدى إمكانية تحقيق هذه الإجراءات على أرض الواقع أكد بشير عبد الفتاح أن الأمر ليس سهلا لتعقد الأمور وتشابك المشكلات الخلافية خاصة فى ظل وجود مشاكل عالقة ما بين دول مجلس التعاون وبعض الدول المحيطة كالمشكلات الإثنية والحدودية مع إيران وهو ما يؤدى إلى وجود إحداث أزمة ثقة كبيرة فيما بينهم ولكن الأمر يمكن تجاوزه بالحوار والمفاوضات وإجراءات إعادة بناء الثقة.

قال خبراء استراتجيون وسياسيون: إن منطقة الخليج تواجه مجموعة من التحديات المحلية والخارجية التي تمثل تهديداً لأمنها واستقرارها، وتلعب بعض الدول المجاورة لها دوراً رئيسياً في هذه التهديدات، التي لعبت على وتر "مسألة توزيع الثروة في الوطن العربي" التي راجت خاصة منذ غزو العراق للكويت فى تسعينيات القرن العشرين، حيث حاول مروجوها تسويق اعتبارها الوجه الآخر للعدالة الاجتماعية التي يجب أن تسود بين أبناء الأمة العربية.
وحول هذا المعنى يؤكد خبراء وأساتذة فى الاقتصاد أن مسألة توزيع الثروة اقترنت بسياسات ومواقف عملية تبناها الرئيس العراقى الراحل صدام حسين لتبرير قيامه بغزو الكويت. وصدّقها بعض العرب للأسف.
في البداية، يرى الدكتور محمد سمير مصطفى أستاذ الاقتصاد السياسى بمعهد التخطيط القومى وعضو مجلس إدارة الجمعية العربية للبحوث الاقتصادية: إن بعض الأنظمة العربية تمادت في ممارساتها التسلطية وأوغلت في سياساتها الاقتصادية الموالية لفئة محدودة مما يدعى رجال الأعمال والذين تولى بعضهم مناصب وزارية، في حين اكتفى بعضهم بمن يمثلهم من السياسيين والاقتصاديين في الإدارة الحكومية و لعبت آليات الفساد الدور الأساسي في تعزيز التزاوج الوثيق بين السلطة والثروة. أضاف: إن الشأن الاقتصادي والاجتماعي كان حاضراً بشدة في الثورات التى شهدتها بلدان الربيع العربى مما يشير صراحة إلى وجود علاقة مباشرة أو غير مباشرة بين هذه الثورات وما يؤمل منها من إحداث تغيرات اقتصادية واجتماعية، وبين متطلبات التنمية الاقتصادية وتوزيع الثروات بشكل عادل وبالتالى فإنه يمكن القول بأن إعادة توزيع الدخل والثروة وتحقيق العدل بمعناه الواسع كان سبباً أساسياً ألهم تلك الثورات وخاصة فى مصر حيث كانت المعاناة والتهميش والفساد وغياب العدل الاقتصادى والاجتماعى والسياسى وسيطرة القطاع الخاص على مفاصل الاقتصاد وقيادته، وما نجم عن ذلك من بطالة وفقر وفساد وانحسار للطبقة الوسطى مع تزايد الفجوة بين الأغنياء والفقراء، وطغيان الاستغلال والاحتكار وإطلاق حرية التجارة وما سببه ذلك من إغراق الأسواق المحلية بالمنتجات الأجنبية وإشاعة ثقافة الاستهلاك.
نغمة كاذبة
أما الدكتور أحمد شعراوى الخبير الاقتصادى وأستاذ الاقتصاد بالجامعة الامريكية فقد أكد أن مسألة توزيع الثروة في الوطن العربي بدأت هذه النغمة تتردد منذ أن قام الرئيس العراقى السابق صدام حسين بغزو الكويت خلال تسعينيات القرن العشرين وهذا الموضوع قد حظى باهتمام بارز لدى صدام حسين بغض النظر عن دوافعه السياسية الاخرى وذلك باعتبار ان مسألة توزيع الثروة هي الوجه الآخر للعدالة الاجتماعية التي يجب أن تسود بين أبناء الامة العربية،امتثالا للعدل الذي أمر الله به. أضاف قائلا: مسألة غياب العدالة فى توزيع الثروة يرجع إلى الآليات التى تسود النظام الاقتصادي خاصة أن النظام الذى يسود حاليا هو نظام السوق(النظام الرأسمالى) وبالتالى فإنه بالرغم من الثروات الهائلة في العالم العربي فإن هناك الكثير من التراجع والتدهور في عدد من المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية مما كان له دور بارز في تأجيج حركات الاحتجاج في العالم .
إن الشأن الاقتصادي والاجتماعي كان حاضراً بشدة في الثورات التى شهدتها بلدان الربيع العربى مما يشير صراحة إلى وجود علاقة مباشرة أو غير مباشرة بين هذه الثورات وما يؤمل منها من إحداث تغيرات اقتصادية واجتماعية
أخطار محدقة
أما معتز صلاح الدين، الخبير السياسي بشؤون الجامعة العربية، فيقفز على الأطماع المباشرة إلى غير المباشرة، ويعتبر أن أمن واستقرار الخليج هو أمن للوطن العربي بأجمعه، وهناك أخطار تحدق بالمنطقة الخليجية، لأنها تضم ممرات إستراتيجية مثل مضيق هرمز وباب المندب وغيرها من المناطق الحيوية، كما أن الثروات كانت دائماً سبباً ومطمعاً للتدخل فيها. وأكد صلاح الدين، أن السياسية بين دول الخليج قدمت نموذجاً يشكل نواه اقتصادية كبيرة بين تلك الدول، وكانت أفضل كثيراً من اتحادات دول أخرى مثل الاتحاد الإفريقى والمغرب العربي، مشيراً أنه يتعيّن على الجامعة العربية أن تحرص على دورها فى الحفاظ على الخليج تجاه الأطماع الإيرانية، والصراع الإيرانى التركى على المنطقة وبعض الدول الغربية التى تقف من بعيد بانتظار الفرصة للتدخل والسيطرة. وأضاف صلاح الدين، إن دول الخليج تواجه العديد من التحديد على مستويات عدة، أولها التحديات المتعلقة بالأطماع الإيرانية والتدخل المباشر وغير المباشر فى شؤون الخليج، والأطماع الأمريكية فى الحصول على نفط بسعر مناسب وكمية ملائمة، كما أيضاً أن هناك تحدىاً متعلقاً بالصناعة فيجب على دول الخليج أن تنوع مصادرها وعدم الاعتماد على مصدر واحد فقط.
أطماع إيرانية
من جهته، يؤكد اللواء حسام سويلم الرئيس الأسبق لأكاديمية ناصر العسكرية، أن إيران تحاول إثارة القلاقل داخل الدول الخليجية بشتى الطرق سعيًا لتحقيق أهدافها،فهي تلعب بورقة الأقليات بتلك الدول، للتحريض وخلق المشاكل للأنظمة، وعبر ما يمكنهم بوصفهم ب "الوكلاء الإيرانيين" ممثلين في أشخاص وجمعيات بل وبرلمانيين، ولاؤهم الأكبر لإيران والمجموعة الشيعية في قم أكثر من انتمائهم لبلدانهم، وهي أحد الأذرع التي تعمل إيران على تحريكها لإشعال الأزمات وإثارة الاضطرابات من آن لآخر.
ويقول سويلم إن ما حدث في البحرين في العام الأخير من تحركات واحتجاجات للشيعة بالبحرين وما تخللته من مواجهات دموية مع أفراد تلك المجموعات بعيدًا عن الأصابع الإيرانية التي مارست ولا تزال دور مشعل الحرائق في المملكة الخليجية، الأمر الذي يندرج بصورة أو بأخرى في سياق مطالبها بضم البحرين لحدودها باعتبارها "تابعة لها"، معتمدة في هذا المخطط على إحياء النزعة الطائفية، وإن بدا ذلك على هيئة مطالب "سياسية" أو "دستورية" تسعى بها لتقوية شوكة حلفائها، سعيًا لاختراق الدول الخليجية الأخرى.
زعزعة الاستقرار
ويرى اللواء أحمد فخر رئيس المركز الدولي للدراسات المستقبلية والإستراتيجية، أن إيران تحاول اختراق الدول الخليجية منذ سنوات، فهي عملت على استغلال نفوذها الواسع في العراق منذ احتلاله في 2003 في عملية الاختراق التي تقوم بها من جنوب العراق ضد الكويت والسعودية، وتأجيج الفتنة الطائفية في البحرين، فضلاً عن استعراض القوة والترهيب بنشر القطع البحرية في الخليج العربي، وإبحار غواصاتها في البحر الأحمر، واحتلالها الجزر الإماراتية الثلاث المتنازع عليها منذ السبعينات، ونشر مليشياتها في غالبية الدول العربية ومنها النائمة، وزرع الجواسيس في العديد من الدول المجاورة، وكان آخرها الكشف عن خلية تجسس إيرانية بالكويت التي طردت دبلوماسيين إيرانيين اتهموا بالتجسس.
ويضيف فخر أن إيران تحاول بكل ما أوتيت من قوة على زعزعة الاستقرار في تلك الدول، فضلاً عن التهديدات التي يشكلها امتلاك إيران للبرنامج النووي، وهذه من الأمور المثيرة للخلاف والتوتر بين طهران وجيرانها العرب، حتى مع التأكيد على الطبيعة السلمية لهذا البرنامج، ولذلك يجب على الدول الخليجية أن تكون أكثر تحسبًا وتيقظًا للمد الإيراني وأن تعمل بشكل جماعي وليس بصورة منفردة على التباحث والتشاور لوضع الإستراتيجيات وسبل مواجهة تلك المحاولات، ويتطلب العمل بشكل جدي لوأد هذه الأطماع.
تفتيت الخليج
من جهته أضاف السفير أحمد أبو الخير مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، أن منطقة الخليج في خطر حقيقي وعليها أن تتحد مع بعضها لأنها بالفعل في خطر حقيقي، فهناك أخطار داخلية تتمثل في محاولة إيران اختراق دول المنطقة للسيطرة عليها ، ومخاطر خارجية تتمثل في رغبة الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل في السيطرة على مياه ونفط المنطقة من أجل بقاء إسرائيل،
التطورات الراهنة
من ناحيته، أضاف جهاد مجدى، باحث جغرافي بكلية تربية جامعة الإسكندرية، إن منطقة الخليج لديها أهمية فى العديد من المستويات، فالنفط والثروات المعدنية المتوافرة لها شكلت أطماع دول غربية كثيرة، بالإضافة إلى حكم موقعها الإستراتيجى ووجود المناطق الحيوية وممرات الملاحة البحرية، وأيضاً لابد من التأكيد أن هناك أطماعا إيرانية تتزايد فى المنطقة يوماً بعد يوم، والمشاهد للتطورات الراهنة فى الخليج يلاحظ أن القلائل التى تتسبب فى المنطقة يكون وراءها أصابع إيرانية خفية، وللتغلب على هذه المشكلة يجب على الخليج ان يٌطور الميزة التى يمتلكها ألا وهى الترابط والوحدة بين دوله التى إذا غابت سيبفاجئون بشكل جديد للخليج وتقسيم وتخريب من قبل الأطماع الخارجية.
علاقات متوازنة
وقال جمال أسعد: إنه بلا شك جغرافية الخليج الإستراتيجى جعلها محل أطماع إيرانية، وصعدت فى الفترة الأخيرة التوتر بين الخليج وإيران، ويجب على مصر أن تعيد الهدوء بين الطرفين وتتوسط بينهما، فمصر بعد 25 يناير يجب ان يكون لها علاقات متوازنة دولية لا ترتبط بأموال أو ثروات دول آخرى، ويجب أن تنظر إلى الخليج باعتباره علاقات إستراتيجية وليس مصلحة.
مكانة الدول
من جانبه، قال د.محمد عبد الله، أستاذ المناهج بكلية التربية، جامعة الإسكندرية، إن مكانة أى دولة فى العالم يجعل هناك تزايد فى الأطماع الخارجية فى التدخل، ومنطقة الخليج تحتوى على ثروات كثيرة تجعلها بلا شك محل أنظار دول العالم كلها، وبالتالي فالأطماع والتدخل هو أمر طبيعى ستواجهه هذه الدول طوال تاريخها مشيراً إلى أن أمريكا نفسها تملك إدارة تسمى مصادر الطاقة فى الخليج، وللتغلب على هذه الأطماع لا بد دائماً من الاندماج والوحدة بين دول الخليج وأن يكون الاتحاد الخليجى فعالا بشكل دائم، ورسم سياسة متوازنة لكافة الدول الخليجية.
وطرح د.محمد تساؤلا وهو أن سعر برميل النفط يتجاوز 100 دولار فى الغالب وإن إعادة تصنيع مشتقاته وتكريره فى الدول الأوروبية يطرح سعره للبيع بما يفوق 900 دولار أى ان الدول الأوروبية تربح جراء ذلك المليارات، كما أن الشركات الأوروبية تحتكر وتضع اتفاقيات فى بنوده أن يتم إعادة تكرير البترول وفصل مشتقاته بالخارج فى دولها والله وهب الخليج ثروات طبيعية لابد من حسن استغلالها، مؤكداً على ضرورة التكامل الاقتصادى بين دول الخليج والدول العربية كافة بالشكل الذى يجعلها تعتمد على نفسها وتحقيق النمو المطلوب


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.