يكاد منتدى الرياض في مجمله أن يكون المكمل والمتمم لمؤتمر آخر عقدت أعماله في 28 و29 ينايرعام 2009 في الأكاديمية البحرية ” أنابوليس- ميرلاند ” بالولايات المتحدةالأمريكية، الذي انعقد تحت العنوان نفسه “أمن الخليج والعالم” والمحاور نفسها تقريبا: (قضايا الأمن والدفاع في الخليج، والتطور السياسي في دول الخليج، والتعليم ووسائل الإعلام، والنفط ومصادر الطاقة البديلة، ومستقبل التكنولوجيا في دول الخليج، وتأثير القوى الإقليمية والدولية على الثروة والرخاء في الخليج). أمن البحار أهم ما طرح في مؤتمر ” أنابوليس- ميرلاند ” قبل أكثر من عامين قضية أمن البحار وهويتها، وفي القلب منها مسألة “تدويل البحر الأحمر” (ست دول عربية تطل عليه)، وتهديد إيران المستمر بإغلاق مضيق هرمز وقطع إمدادات النفط وتدمير دول الخليج المطلة عليه، وخرج بتوصيات وآليات للتنفيذ، كان يفترض أن يلعب فيها حلف ” الناتو ” دورا رئيسيا ولم يحدث. لكن يبدو أن حركة الأمواج من المحيط الأطلنطي غربا إلى الخليج (العربي) شرقا استغرقت أكثر من عامين، جرت فيهما مياه إقليمية ودولية كثيرة. مجابهة التحديات أهم ما طرح في مؤتمر “الرياض” ولم يذكر قط في مؤتمر “أنابوليس- ميرلاند” بالولايات المتحدة، هو هذا السؤال المحوري: كيف تنتقل دول مجلس التعاون الخليجي من مقعد “المراقب” إلى المشاركة الفعلية في مجابهة التحديات الجديدة (ميدانيا)، خاصة في ضوء علاقاتها الدولية المتشابكة والمعقدة، وفي صنع وصياغة العالم الجديد في الألفية الثالثة؟، ويبرز هذا السؤال، ليس فقط للتهديد الإيراني أو تنظيم القاعدة، كما أنه ليس بسبب الثورات والاضطرابات التي عمت العالم العربي هذا العام 2011، وإنما لسبب الحروب الثلاث الكبرى، التي غيّرت توازن القوى في العالم، انطلقت من أراضيها وعبرها عام 1980 و90 – 1991 و2003، ولم تنته إلى اليوم. الخليج وروسيا سبق منتدى الرياض أول حوار إستراتيجي بين مجلس التعاون الخليجي وروسيا على مستوى الوزراء في أبو ظبي، وهو تطور نوعي جديد لأن علاقات روسيا مع بلدان دول الخليج العربي كانت تقتصر في السابق وحتى وقت قريب جدا على البعد الثنائي، حيث أقامت روسيا علاقات دبلوماسية مع بلدان الخليج العربي كافة منذ فترة طويلة، وهي الهدف المنشود والمثل الأعلى للعلاقات الدولية في عصر التكلات الإقليمية والدولية. ومن ناحية أخرى فإن العلاقات بين الخليج وروسيا ستشمل تنسيق الإجراءات والآليات وتنمية التعاون المشترك، وتبادل المنافع في مجال الطاقة والابتكارات والاستثمار، والآفاق الأخرى التي لا حدود لها عمليا، وذلك وفق خطة عمل مشتركة بين دول مجلس التعاون الخليجي وروسيا في الفترة من 2012 – 2015، بالإضافة إلى سبل تسوية النزاعات التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط والشرق الأدنى، وسبل ضمان الأمن في منطقة الخليج على وجه الخصوص، وتوفير الظروف المناسبة الكفيلة بتحويل المنطقة إلى منطقة سلام واستقرار، وهو ما يؤكد أن دول مجلس التعاون الخليجي أصبحت ” قوة إقليمية ” متنامية وصاعدة، في مركز العالم وفي قلب آسيا من ناحية، كما أن قراراتها تفوق في أهميتها ومصداقيتها قرارات “جامعة الدول العربية”. قوة إقليمية وينبغي أن تتعامل دول مجلس التعاون الخليجي باعتبارها ” قوة إقليمية “، عن طريق ” تثمين ” الأهمية الإستراتيجية التي تحتلها في المنطقة ومركز العالم، وتوظيف ذلك في تعاملها مع القوى الكبرى، خاصة روسيا والولايات المتحدةالأمريكية:كون روسيا تشعر بعدم الارتياح للحضور العسكري الأمريكي في الخليج العربي وفي آسيا الوسطى، وفي الوقت نفسه تدرك موسكو أن انسحاب قوات التحالف من العراق وأفغانستان سيعني حتما عودة الإسلاميين الراديكاليين الذي ستنتشر أفكارهم في دول الجوار. وهذا يعني أن منطقة هائلة ستتعرض لموجات من عدم الاستقرار، الأمر الذي لا يتوافق ومصالح روسيا القومية ويتطلب دورا فاعلا وحيويا من دول مجلس التعاون الخليجي .