المتأمل في لوحات الفنانة الأحسائية سلمى الشيخ، يجدها ترجماناً حيّاً صادقاً لمكنوناتها النفسية، ونفحات روحها العاشقة للطبيعة والتراث. وفي الوقت الذي يختفي فيه التجريد الفني بكافة آياته وشتى صوره في فنّيات سلمى الشيخ تبرز الشفافية ويتجلى الوضوح في نسقها السيكولوجي، وفي بيولوجيتها التي فتقها خالقها فتتحسسها لأول وهلة في التعامل معها أو التأمل في شقشقتها الفنية عبر الورق والكارتون واللوح ، أو حتى الجلود الطبيعية بكافة أنواعها. ويبقى اللون الترابي الطيني المفسِّر للآثار ، والمرتبط بالتراث حاضرا وبقوة، في اللوحة الجلدية وبقية اللوحات، التي تكشف علاقتها بالتراث والآثار، حيث يفوح منها عبق الماضي وشذا الأصالة. وتدرّج هرمونية الألوان في أعمال سلمى، يترجم تعابيرها الوجدانية ونفسيتها المتأرجحة بين الأمل والفرحة تارة والبؤس تارة . تمازج الألوان الأساسية بالثنائية، يبدو جلياً في دائرة اللون كما في لوحة الفواكه، حيث أجادته سلمى بطريقة خفيفة وسريعة، تنم عن نضج في التعامل مع الألوان .. فيبرز الانسجام والتوافق الفني بتناغم كافة عناصر العمل وخلوها من أي نشاز داخل جو عام ومنسق . الإحساس بالانفعال البشري موجود في لوحاتها التي تضخ بالفرح والسرور تارة ، والحزن والكآبة تارة أخرى، وأحيانا بالاضطرابات الشعورية من خلال تدرج الألوان وتصاعد الرسوموفي لوحات أخرى تتصاعد العاطفة، ويتفاقم الشعور بالأمل واشراقة الروح، فتبدو الطبيعة مشرقة ذات حُسن وصفاء مفعمة بالسحر والبهاء. ونظرة واحدة تلقيها على أعمال الفنانة سلمى الشيخ تستكشف خلالها السمة البارزة لها، حيث الوضوح والشفافية والسلام الروحي فتخاطب الروح والمشاعر لا الجسد والأشخاص، إذ بالقدر الذي حضرت الطبيعة والتراث في لوحات سلمى التشكيلية، وغدت الركيزة الأساسية لجميع أعمالها، غاب «بورتريه» الشخوص وملامح الوجوه والعيون، بعكس أغلب فنانات المنطقة الشرقية، فلا تكاد تراها البتة في لوحاتها، وكأنها سئمت الوجوه وملت الشخوص ولاذت بروحها وموهبتها للحضن الطبيعي الصادق، وجثت عند الطبيعة والتراث، وباتت تبث لواعجها إليها عبر ريشتها وألوانها وأفكارها، التي دأبت على تطويرها، فمن النقش على القماش والكرتون، إلى النحت على الجلود والصفائح المعدنية والزجاج، إذ تمكنت، وبجدارة، من أن تصنع كولاجا خاصاً بها. وعلى الرغم من عدم وجود الشخوص لدى سلمى ، إلا أن الإحساس بالانفعال البشري موجود في لوحاتها التي تضخ بالفرح والسرور تارة، والحزن والكآبة تارة أخرى، وأحيانا بالاضطرابات الشعورية من خلال تدرج الألوان وتصاعد الرسوم ، ووجود الدلالات الرمزية والرؤية البصرية. ومع إصرار الفنانة سلمى على بناء لوحاتها الفنية التشكيلية على التسجيلية الواقعية، بعيدا عن التجريد أو الرمز أو السوريالية، تبقى رشيقة الرسم رقيقة التشكيل خفيفة الريشة واللون. ومع انخراطها في ميدان التدريب الفني التقني في مكتب الإشراف التربوي، هل ستغامر سلمى في تغيير أسلوبها الفني والبنائي للوحاتها الفنية، وتتخلص من أسر الواقعية التسجيلية التصويرية بما يتماشى مع فناني المنطقة والحداثة .