القول بأن الدكتور سعد البازعي واحد من أبرز نقادنا الذين أولوا للشعر اهتماماً كبيراً وكرسوا له جزءاً كبيراً من منتجهم النقدي ليس ادعاء زائفاً أو كلاماً يطلق على عواهنه، لأن في رصيد البازعي عدداً من المؤلفات التي كانت مكرسة أو شبه مكرسة لهذا الفن الإبداعي الذي أصبح مهجوراً أو شبه مهجور من قبل معظم النقاد الذين انشغلوا بغيره عنه. ورغم أن للبازعي مؤلفات بارزة ذات أبعاد فكرية وثقافية ونقدية عامة جعلته واحداً من أهم النقاد الذين يشار إليهم بالبنان في المشهد الثقافي العربي عموماً مثل كتاب «استقبال الغرب» وكتاب «المكون اليهودي في الحضارة الغربية» بين مؤلفات أخرى، إلا أن ذلك لم يصرفه ولم يمنعه من العودة المرة تلو الأخرى ليكتب عن الفن الأدبي الطاغي على اهتماماته وهو القصيدة، كما يقول في مقدمة كتابه الأخير «لغات الشعر» الصادر عن المركز الثقافي العربي. لدى البازعي معنى أشمل وأوسع من القصيدة، فهو ينفي التماهي ما بين الشعر والقصيدة ويصف الشعر بأنه «حلم القصيدة» في مقدمة الكتاب التي تعرض فيه لعدد من القضايا المهمة، ومنها نظرته إلى ترجمة الشعر. وحسب ما يشير إليه الغلاف الأخير للكتاب الجديد، فإن للبازعي خمسة مؤلفات سابقة حول الشعر هي ثقافة الصحراء وإحالات القصيدة ومقاربة الآخر وأبواب القصيدة وجدل التجديد. ورغم أن الكتاب، الفائز بجائزة وزارة الثقافة لهذا العام، عبارة عن مقالات ودراسات كتبت في أوقات مختلفة ولمناسبات مختلفة وتم ضمها وجمعها فيما بعد بين دفتي كتاب واحد إلا أن ذلك لا يعني انعدام وجود الرابط واللحمة التي تجعل من المؤلَف نسيجاَ واحداً متجانساً؛ إذ أن محور تلك المقالات والدراسات هو الشعر الذي يتخذ لدى البازعي معنى أشمل وأوسع من القصيدة، فهو ينفي التماهي ما بين الشعر والقصيدة ويصف الشعر بأنه «حلم القصيدة» في مقدمة الكتاب التي تعرض فيه لعدد من القضايا المهمة، ومنها نظرته إلى ترجمة الشعر، وفهمه وطبيعة ممارسته للنقد الذي يدخل من خلاله في حالة حوار مع النصوص التي تجتذب اهتمامه لتناولها بالدراسة المستفيضة أو حتى الكتابة العابرة. أدرج الدكتور البازعي مقالات الكتاب ودراساته في أربعة أقسام هي أطر شعرية وهموم إبداعية وأسئلة الهوية.. قلق الانتماء وهموم السياسة والوطن، وقد توزع الشعراء الذين أخضع قصائدهم لمبضعه النقدي على ثقافات ولغات مختلفة قام بترجمة نصوصهم من اللغة الإنجليزية، ومن هنا استوحى عنوان الكتاب الذي يحمل دلالة أخرى أيضاً، وهي أن لغات الشعر ترد بمعنى الطرق والصور المختلفة لكتابته كما يشير المؤلف في مقدمة الكتاب القيم الذي يجدر بكل محب للشعر أن يقتنيه.