يتحدث أحد النقاد العالميين عن خصائص المسرح التجريبي: يمتاز المسرح التجريبى بتجاوز كل ما هو معلب ومألوف وسائد والإتيان بالجديد وإمكانية تجاوز الخطوط الشكلية من خلال «جسد. فضاء. سينوغرافيا. أدوات» بالإضافة الى تفكيك النص وإلغاء سلطته أي بمعنى آخر إخضاع النص الأدبي للتجريب بالإضافة إلى كيفية توظيف الإضاءة والحركة على حساب النص. الملاحظ في المهرجانات المسرحية الأخيرة في المملكة أنه أصبح للعروض التجريبية حضور قوي، وعلق البعض «إن التجريب تحول إلى تخريب» فقررنا ان نحمل السؤال لمجموعة من المسرحيين حول تأثير العروض التجريبية في الحركة المسرحية في المملكة وتقبل الجمهور إياها، فكانت الإجابات مختلفة من مسرحي إلى آخر. الإغراق في التغريب في البداية يتحدث فهد الحوشاني: حول تأثير الأعمال التجربيبة في الحركة المسرحية .. انها تؤثر وبشكل ايجابي كبير فهي تجارب مهمة تعبر عن قدرات المسرحيين ورغبتهم في سبر عوالم من الإبداع والقدر على تقديم المختلف والجديد وهذا مهم ويساهم في تطوير إمكانيات الممثل والمخرج. وفيما يخص الجمهور يقول الحوشاني: أما بالنسبة للجمهور فالتأثير غالبا سلبي لان الجمهور يبحث عن الأعمال التي تصل إليه بسهولة وتكون كاملة الوضوح .. والأعمال التي تناقش قضاياه دون الإغراق في التغريب .. لذلك يحب الا تعرض الأعمال النخبوية للجمهور لأن ذلك يمكن أن يؤدي الى ردود أفعال عكسية تنفر الجمهور من المسرح. تخريب.. تقليد فيما يرى المسرحي علي الخبراني ومدير جمعية الثقافة والفنون بجازان بأننا مقلدون: رأيت ما كتب عن مهرجان الدمام الأخير للعروض القصيرة وخاصة التجريبية وعن مستواها وكيف أن معظم العروض كانت بعيدة عن المسرحيين والمثقفين فكيف بالجمهور العادي، عموما يبدو نهجنا للتجريب بدون دراية و ثقافة أصبح تخريبا ولعل انبهارنا بما نشاهده في عروض خارجية جعلنا مقلدين وهذا غربنا كثيرا عن حتى عن هويتنا فالمسرح من وجهة نظري يجب ان يقدم لجمهورنا العادي حتى تصل رسالته. لذا يجب علينا ان نعود لتراثنا ومجتمعنا وتقديمهما بشكل واع ونترك هذه الكلاكيع التي تقدم باسم التجريب. تراجع وانحسار فيما يرى الناقد والكاتب د. سامي الجمعان العروض التجريبية : الأعمال المسرحية ذات الطابع التجريبي عديدة ومتنوعة وحاضرة بشكل كبير ولهذا علينا ان نعمل جاهدين على تقييم حضورها ومدى أهمية هذا الحضور ثم أثرها على حركتنا المسرحية السعودية، والذي أراه ان التجريب في المسرح أمر مطلوب ومرحب به باعتباره ضمانا لتطوير آليات المسرح ، لكن الذي حدث أننا كمسرحيين انسقنا كثيرا بل وكثير جدا خلف هذا النسق وبتنا نرتهن به على طول الخط.. ويتابع الجمعان: وأدى هذا الارتهان إلى تراجع اهتمامنا بالمسرح الجماهيري الذي أراه ذا أهمية تفوق أهمية التجريب لسبب بسيط هو ان المسرح يعيش بالناس ويتطور بوجودهم ويتنامى بتفاعلهم وانحسار الناس بفئاتهم المختلفة خطأ فادح وكبير يؤدي الى الوضعية المؤلمة التي آل اليها المسرح فالحضور من النخبة وأضيق دائرة للمهتمين حتى ان نخبة الأدباء والشعراء لا نرى لهم تفاعلا مع الحركة المسرحية فكيف بابن الشارع، اذن ثمة مغالاة في اتجاهنا للمسرح التجريبي وثمة تجاهل مسرح الناس ، إذا ما استثنيا تجربة «أمانة الرياض» مع تحفظي على بعض مسرحياتها التي وصلت بالمسرح الجماهيري الى حد التهريج المرفوض ، وهنا تأتي الخطورة من الجماهيرية في حالة لم يكن هناك ضابط لها تماما كأي شيء لا ضابط له ستكون نهايته وخيمة وسلبية. شروط اللعبة فيما يختلف المخرج المسرحي محمد الجفري ويرى: الأعمال التجريبية لها مذاق خاص ومتعة خاصة لدى أصحاب التجربة المسرحية واعتقد ان متعة الجمهور المسرحي تكمن في بحثهم عن التجريب داخل اللعبة المسرحية ذاتها.. و للعلم أنه لم يتم حتى اليوم وضع تعريف كامل وشامل للتجريب. ويتابع الجفري: بكل تأكيد أن للتجريب تأثير مباشر وقوي على تطور الحركة المسرحية على شرط ان تخضع هذه التجارب الى المعايير الحقيقة والأصيلة للمسرح بمعنى ان التجربة يجب أن تخضع إلى شروط اللعبة المسرحية دون كسر قوانين هذه اللعبة.. أو الهروب إلى مسمّى التجريب للهروب من الاعتراف بجهل البعض التام للمدارس والأصول والأعراف المسرحية. وعن تذوق الجمهور للعروض التجريبية يقول الجفري: أما عن الوصول إلى جمهور المسرح.. فأنا اعتقد الإقبال على مهرجانات المسرح التجريبي عبر العالم هي أكبر دليل.. لقد أصبح لدى متذوقي المسرح عشق خاص للتجريب خاصة التجريب بالطرق الأكاديمية وليس العشوائية أو التهريج تحت مسمى التجريب. تقليد تجارب سابقة ويؤكّد المخرج والكاتب المسرحي علي السعيد: ليس لدي شك في أن العروض التجريبية في المسرح يسهم مساهمة فعّالة في تطوير أدوات المسرحي أياً كان : ممثلاً أو مخرجاً أو كاتباً أو ممن يعملون في تقنيات المسرح كالصوت والإضاءة أو السينوغرافياً ، والورش التجريبية تلعب دوراً مهماً في ذلك شرط أن يواكبها ثقافة مسرحية متقدمة لدى المشتغلين في التجريب ومعرفة وإطلاع على تاريخ المسرح ومدارسه ومذاهبه وتجارب مختلفة ومتنوعة في هذا المجال مكن المشتغلين في التجريب من اختزال تلك الرؤى المسرحية في إنتاج إعمال مسرحية تحمل رؤى وتطلعات فنية جيدة . ويضيف السعيد: فالتجريب الذي يعتقد المبتدؤون أنهم يقومون به لا يعدو أن يكون تقليداً لتجارب سابقة لا تصل إلى شيء سوى أن تقدم صورا مشوهة ، وعن ذائقة الجمهور للعروض التجريبية يرى السعيد: على الرغم من أن التجريب هو عمل نخبوي إلا أن الحكم على تقبل الجمهور له من عدمه أمر نسبي لا يمكن إصداره إلا من خلال دراسة علمية واستبيانات تعد وتوزع على الجمهور أثناء مشاهدته للعروض المسرحية التجريبية ..