«حسنعلي» القديم جاء بحسنعلي الجديد.. معذرة هو يكتب اسمه هكذا مربوطا ملتحما بابيه.. كنوع من الولاء والوفاء لمن رباه و «خلاه راجل» لا يتهاون ولا يفرط في كرامته على حد تعبيره. وحسنعلي شاب مصري من صعيد مصر يقول انه من قبيلة «بني مر» الذي ينتسب اليها الرئيس الراحل جمال عبدالناصر وقد هاجر إلى انجلترا في عام 1987م. قابلته في مدينة «اكسفورد» مع رفيقته الانجليزية الحمراء التي لا تكف عن الضحك.. ويبدو ان حسنعلي بروحه المرحة قد علمها ان تضحك على طول بمناسبة وبلا مناسبة.. والحق ان الذي يرى حسنعلي للمرة الأولى لابد ان يضحك فهيئته وشعره المنكوش وسخريته المريرة تنبئك أنك امام إنسان «لامنتمي» بلغة تلك الأيام. قلت له: ما الذي جاء بك إلى بلاد الانجليز. قال: جئت هاربًا من مصر. قلت: لماذا تهرب من بلدك يا حسنعلي؟ قال وهو ينفث دخان سجائره: «لقد ضربوني بالجزمة»؟. قلت: لابد انك قد ارتكبت اثما عظيما تستحق عليه العقاب!. قال: يابني آدم عندنا البوليس، هو الذي يختار لك الذنب وهو الذي يختار العقاب. قلت كيف؟ قال: ضابط المخفر لم تعجبه هيئتي ولا شكلي واعتقد انني ابيع الحشيش.. فاقتادني إلى القسم وانهال علي ضربا بالجزمة وبيديه وبالعصا.. الحق أن الذي يرى حسنعلي للمرة الأولى لابد أن يضحك فهيئته وشعره المنكوش وسخريته المريرة تنبئك أنك أمام إنسان «لا منتمي» بلغة تلك الأيام.قلت: وبعدين؟ قال: ولا قبلين خلاص سابوني على حالي بعد ان تأكدوا ان ليس لي في الحشيش ولا في غيره. قلت: وبعدين؟. وزفر زفرتين.. واحمرت عيناه.. وانتفض قائلا: يا اخي فلقتني .. وبعدين.. وبعدين.. خلاص تركت البلد وجيت هنا عشان اعيش. قلت: ولماذا لم تشك الضابط الذي ضربك بالنعال؟ . قال: اشكيه لمين؟ ما الريس بتاعه في المخفر زيه.. واللي اكبر منهم زيهم.. ما تسبني في حالي بلا غلبة.. وصمت. واحترمت صمته ولكن تلك الحمراء إلى جواره لا تزال تضحك.. قلت له: يا حسنعلي ماذا تفعل بهذه الحمراء الضاحكة معك؟ قال ضاحكا: وقد انفرجت اساريره وبدا مبتهجا «اهي دي بقى البطاقة». ..بطاقة البقاء في بلاد اولاد الحرامية الانجليز الذين نهبونا وسرقونا واستعمرونا.. والحمد لله طردهم واحد منا من لحمنا ودمنا.. الله يرحمه.. قلت: يا حسنعلي بلاش الكلام في السياسة متى سوف ترجع إلى مصر؟ قال ضاحكا: لما تتعدل السياسة ويبطلوا الضرب بالجزم.. قلت: عندك حق ولا ازيد.