أحياناً تكون السخرية من (الكوميديا السوداء) من باب (شرُّ البلية ما يضحك).. وعلى هذا النسق قال الشاعر الفلسطيني إبراهيم طوقان أبياته المشهورة التي يسخر فيها - بمرارة - من بيانات الشجب والاستنكار.. - والقصيدة - على قصرها - معبرة جداً عن واقع عاشه جيل كامل.. ولا يزال.. والسخرية فيها مؤلمة حتى للشاعر نفسه، ولكن ما العمل والألم يصرخ والجرح ينزف؟ ولد الشاعر الفلسطيني إبراهيم طوقان عام 1904م بنابلس التي ضربتها الزلازل والعواصف مراراً فلم يهجرها أهلها بل زادوا لها حباً وعمروا سهولها وجبالها حتى غزاها الاحتلال الصهيوني فأصبح نهارها ليلاً مظلماً.. وإبراهيم طوقان الذي مات في ريعان شبابه (1941م) عن 36 عاماً ترك لنا قصائد مبدعة فيها حرقة.. وفيها سخرية مرة من الواقع المرير.. ومنها هذه القصيدة التي بدأت بما يشبه المديح: «أنتم المخلصون للوطنية أنتم الحاملون عبء القضية أنتم العاملون من غير قولٍ بارك الله في الزنود القوية وبيانٌ منكم يعادل جيشاً بمعدات زحفه الحربية واجتماع منكم يرد علينا غابر المجد من فتوح أمية وخلاص البلاد صار على البا ب وجاءت أعياده الوردية ما جحدنا أفضالكم غير أنَّا لم تزل في نفوسنا أمنية في يدينا بقية من بلادٍ فاستريحوا كيلا تطير البقية»!!