تخطو حركة التأليف والنشر السعودية خطوات نحو التألق والازدهار، والظهور بالمظهر الذي يليق بالمملكة إبداعياً وثقافياً من خلال كل الفعاليات والمعارض، سواء في الداخل السعودي، أو على مستوى العالم العربي أو الغربي، وأصبح الكاتب السعودي منافساً قوياً لباقي المؤلفين والناشرين وصنّاع الكتاب العرب، ليس فقط بالنسبة للكتاب المطبوع، وإنما أيضاً بالنسبة للكتاب الرقمي والإلكتروني، وهو ما يدل على ثراء متميز وتقدم بالغ على مستوى التأليف والنشر، وحالياً نلمس وجود تعاون كبير بين المؤسسات الحكومية السعودية ودور النشر هناك، كما نلمس تسهيلات كبيرة أيضاً تقدمها « جمعية الناشرين السعوديين « لدور النشر، ومن ثم برزت حركة النشر السعودية على أيدي كتاب أثروا المكتبة العربية بالعديد من المؤلفات والدراسات المتميزة، ليس هذا فحسب، إنما ظهرت على الساحة العربية، والمصرية على وجه الخصوص، مؤشرات ذات دلالة كبيرة، على رواج المؤلفات السعودية هذا بالإضافة لتنوع الموضوعات والمضامين في تلك المؤلفات، وهو ما ساهم بدوره في قيام العديد من دور النشر المصرية بالترحيب بأى كاتب سعودي أو كاتبة سعودية، لنشر مؤلفاتهم، وفي هذا الاستطلاع نحاول رصد ملامح المؤلفات والمطبوعات السعودية في القاهرة ، من خلال إطلالة على هذه المؤلفات والمطبوعات بالمكتبات ودور النشر المصرية، وكذلك على بعض ما يدور في أذهان المؤلفين ودور النشر بهذا الخصوص، لمعرفة ما إذا كانت هناك أية عقبات أو مشكلات وكذلك لمعرفة اتجاهات الكتابة والتأليف لدى الجانبين، خاصة بعد أن قام عدد من هذه الدور الجديدة باستقطاب العديد من هؤلاء المؤلفين والمؤلفات، وتبني نشر أعمالهم وطبع مؤلفاتهم وتدشين حفلات مميزة لتوقيع هذه المؤلفات في حضور وسائل صحفية وإعلامية. كتابات أولى لأول وهلة وخلال جولاتنا بدور النشر المصرية، خاصة الجديدة منها، لاحظنا أن الكتابات الأولى للمؤلفين السعوديين والمؤلفات السعوديات، تحظى باهتمام بالغ، ورعاية خاصة من الناشرين، وأن عدداً لا بأس به من أصحاب هذه المؤلفات، يعيشون داخل وخارج المملكة، سواء داخل مصر أو في دول عربية أو أجنبية أخرى، منها على سبيل المثال المجموعة القصصية الأولى للقاص السعودي طاهر الزارعي والتي تحمل عنوان « حفاة «، والديوان الشعري الأول «كل عام وأنت لي» للشاعرة السعودية ندى رشيد ثم الرواية الأولى لها « يوميات طالبة سعودية في مانشستر « والرواية الأولى «الاغتصاب» للروائي أحمد المغلوث والمجموعة الشعرية الأولى « بسملة على كثيب وطن « للشاعر السعودي حسن عبده إلى غير ذلك من مؤلفات أولى . وتظهر عوامل تشجيعية أخرى تساعد المؤلفين السعوديين على الدفع بمؤلفاتهم إلى دور النشر الجديدةبالقاهرة، منها أن بعض دور النشر هذه يرأسها كتاب ومبدعون مشهود لهم بالباع الطويل في النشر والكتابات الروائية والشعرية اتجاهات نوعية وفي القاهرة، تتفوق بعض الأجناس الأدبية على الأخرى بالنسبة للكتابات القادمة من المملكة أو المنتمية إليها ؛ حيث تتفوق الأعمال الروائية خاصة إذا كانت أعمالاً أولى تعتمد البوح والتعبير عن الذات كما في « يوميات طالبة سعودية في مانشستر «، و» معاناة عقيق أحمر «، و» أيام العطش «، وغيرها، ثم تأتي المجموعات الشعرية والقصصية في حالة توازن وتعادل وربما تغلبت المجموعات الشعرية لكثرتها، قياساً بالقصصية، وبحسب ما يذكره « موسى علي « المسئول الإعلامي بالدار المصرية اللبنانية بالقاهرة فإن الكتاب السعودي بكل أجناسه الموضوعية، يأتي في المرتبة الرابعة بعد الكتاب المصري واللبناني والسوري بالنسبة لإقبال القاريء المصري واهتمامات دور النشر الكبيرة به، وبحسب ما يؤكده « رؤوف عشم « مسئول النشر بمكتبة مدبولي العريقة، فإن بعض دور النشر المصرية تكتفي أحياناً بانتقاء بعض الكتابات السعودية طبقاً لعوامل حاضرة ومقصودة، كأن تكون هذه الكتابات ذات صلة بالواقع المصري، كما هي الحال مع رواية « ربيع الأشواق « للمؤلف السعودي الدكتور « سليمان الشمري « والتي اختارتها مدبولي للنشر باعتبار أنها تتناول تجارب مصرية متعلقة بالأوضاع الحياتية ومعاناة المواطن المصري، كما قد تلجأ بعض دور النشر إلى الأعمال المشتركة بين مصريين وسعوديين كما حدث في ديوان « جوانا ... ميدان « للشاعر السعودي أحمد الواصل، والمصري هاني ثروت . نشر إلكتروني ونتيجة لمعاناة بعض الكتاب مع دور النشر، انطلقت حملات كثيرة تدعو الشباب العربي ومنهم بالطبع مؤلفون سعودون ومؤلفات سعوديات، للنشر الإلكتروني المجاني، و ما تقوده حالياً « مروة رخا « والتي أعلنت حرباً شعواء على دور النشر المراوغة وفي نفس الاتجاه تسير « أنس الوجود عليوة « صاحبة دار نشر إلكترونية وورقية والتي تقوم حالياً بتحفيز العديد من المؤلفين الشباب من مصر والدول العربية للمشاركة في إنجاز كتاب شهري مطبوع يضم أعمالهم وبتكلفة قليلة للغاية بالقياس لمطالب بعض دور النشر المغالى فيها، وبحسب تصريحها ل « اليوم « فإن أنس الوجود تعتبر الكتابات السعودية بصفة عامة، والأولى منها بصفة خاصة، ضمن أولوياتها في المرحلة القادمة، خاصة وأن الكتابات السعودية التي تم تبنيها من دور النشر المصرية أثبتت كفاءتها الإبداعية، وحرفيتها في تناول موضوعات جديدة وغير اعتيادية، وتؤكد أنس أن مصداقية دور النشر مع أي مؤلف يمثل ضمانة للحصول على ثقته وإبداعه، وأنها لا تتعامل بعنصرية في اختيار من تطبع أو تنشر لهم، وإجمالاً نستطيع القول إن سوق الكتاب السعودي في القاهرة، وعلى وجه الخصوص سوق الكتابات الأولى، في طريقه للانتعاش، ومن ثم فسوف تكون المنافسة القادمة بين دور النشر المصرية ونظيرتها اللبنانية، على أشدها في استقطاب المزيد من كتابات وكتّاب المملكة . .