استطاع الناقد الأكاديمي العراقي المقيم في بريطانيا وأستاذ الأدب العربي الحديث ونقده في الجامعة الحرة في هولندا الدكتور عبد الرضا علي في كتابه الأدبي النقدي الأخير ( غبار السِّباع ) الصَّادر عن دار المعارف اللبنانية في بيروت 2011م أن يضفي على الدراسات النقدية لإنجازات عدد من الشعراء العرب الشعرية صبغة النقد الأكاديمي الانطباعي ذات البعد الفاعل والناهض بديباجة القَبُول لدى المتلقي أو المستقبِل حيث توفر عليه الاختيار وتعينه على تلمس الجيد منه وإدراك ما وراء النص من جمال وعند المُنشئ أو صاحب الأثر بإعانته على كشف مواطن التفرد كي يركز عليها في اشتغالاته القادمة أو تنبهه إلى مواطن الهنات والعيوب كي يحترس من الوقوع ثانية في مطباتها وقد قسَّم الكتاب إلى قسمين الأول منه تناول عددا من النصوص المفردة وما كان في دائرتها والأخير منه خصصه للمجموعات الشِّعرية وما بين البين كرر حضور بعض الشعراء في الفصلين تناول لهم نصا في القسم الأول ومجموعة في الآخر كعبد العزيز المقالح ومحمد عبد السلام منصور ومحمد حسين هيثم ومعيار كتابته عن تلك النتاجات استشعاره الدهشة في النص والغرابة في التخييل الفني دون النظر لكاتب النص كبيرا كان أم صغيرا فقد تناول العمالقة كالمقالح عرض الناقد في الكتاب لنتاج شعراء العراق واليمن ومصر والسعودية عرضا ديناميكيا يمتاز بمرونة التحليل وسلاسة الطرح وعمق الرؤية الواضحة الأثر.ومحمد عفيفي مطر والجواهري وعبد العزيز جمعة وعبد الله إدريس وجاسم الصحيح و بعضا من الأسماء الشابة كضحى الحداد ومحمود فتحي المحروق الذي أثار تساؤله عن مدى التقارب الفني والتشابه الايقاعي وتماثل المعنى والمضمون بين نصه « الظلام « ونص بدر شاكر السياب « سراب « ويبدو عرض الناقد في الكتاب لنتاج شعراء العراق واليمن ومصر والسعودية عرضا ديناميكيا يمتاز بمرونة التحليل وسلاسة الطرح وعمق الرؤية الواضحة الأثر بعيدا عن تعقيدات بعض النقاد ومصطلحاتهم التنظيرية الشائكة الفهم لدى المتلقي مع اتضاح الجانب النفسي الوجداني عنده بشكل لافت في تشريحه للنص واهتمامه بعمق أعماق صاحب الأثر أو المُنتِج ويبدو انتقاؤه للملامح الفنية للنصوص المفردة وللمجاميع الشعرية جليا للقارئ ويؤكد على بعضها في عدد منها كظاهرة التناص ورد العجز على الصدر والمناجاة الذاتية أو المونولوج الدرامي النفسي والتدوير وظاهرة السرد الوصفي أو القصة الشعرية وجميل اطلاع القراء على تجارب شعرية لشعراء عراقيين عدهم من رواد القصيدة الحديثة ولم يسمع بهم من قبل كشاذل طاقة الذي عده خامس الأربعة الرواد للشعر الحر المرسل ومجيد ياسين وعبد اللطيف أطيمش وراتب سكر وعبد الرزاق الربيعي وضحى حداد ويبقى كتاب « غبار السباع « النقدي مرجعا فنيا للراغبين في البحث عن متعة التذوق الأدبي واستشعار جماليات النَّص عبر الطرح النقدي الأكاديمي الانطباعي .