يومان كاملان وينقضي العام الميلادي (2011) الذي حمل بين أيامه ولياليه جملة من الأحداث البارزة في الشأن السياسي والاقتصادي والثقافي وقد كان (الربيع العربي) على قائمة أهم الأحداث التي تابعها المواطن العربي من الأزرق إلى الأزرق إلا أنه الحدث الذي شكل حضوره تأثيراً سلبياً على صناعة الكتاب لهذا العام (2011م) بيد أن ثمرات المطابع لم تتوقف عن تقديم كل جديد في الفنون والآداب والعلوم ولكن ليس بمثل تلك الكميات المتنوعة التي شهدها عام (2010م). هذا العام تعطلت دور نشر في بعض العواصم العربية أو كادت تتوقف وتعالت أصوات هدير مطابع دور نشر أخرى لم يمسسها (الربيع العربي). بقى أن نقول بكل صراحة أن هذا العام شهد حضور كوكبة من النقاد والروائيين والشعراء عبر جمهرة من أعمالهم المجودة والمتميزة منهم الناقد عبدالله الغذامي والناقد سعيد السريحي والناقد عبدالعزيز المقالح والكاتب أحمد العرفج والناقد إبراهيم الحيدري والشاعرة هدى الدغفق والناقد محمد الحرز والناقد محمد العباس والباحث نعيمان عثمان والروائي محمد الرطيان والروائي باولو كويلو والمفكر رشيد الخيون وربما هناك أسماء مهمة شاركت في دعم حركة التأليف لهذا العام 2011م أغفلها التحقيق. هنا ومن صفحات ملحق الخميس الثقافي نقف مع طائفة من الأصوات الثقافية الإبداعية لنرى ماذا كان حصادهم من الكتب في هذا العام. عبدالرحمن العكيمي في مطلع الاستطلاع تحدث الناقد والروائي عبدالرحمن العكيمي حول أبرز هذه الإصدارات لهذا العام فقال: هناك إصدارات مهمة حفل بها العام 2011م ولعلي أحاول أن اذكر أهم الكتب التي اقتنيتها وقرأتها خلال العام الميلادي الذي أوشك على الرحيل وحين أقول أهم الكتب فإن ذلك من وجهة نظري الخاصة وربما هناك بعض الكتب التي حققت نسبة مقروئية عالية وانتشارا كبيرا خلال العام 2011 ولكن ليس العكيمي: أدهشتني قدرة الباحث نعيمان عثمان في كتاب (القبيلة: عجز الأكاديمي ومراوغة المثقف) أكثر الكتب انتشاراً أكثرها أهمية أو أنها تحمل قيمة علمية أو قيمة فنية لكنني سأذكر أهم الكتب التي شكلت لي اهتماما ومنها كتاب (النقد بين الحداثة وما بعد الحداثة) للكاتب العراقي إبراهيم الحيدري وكتاب (غربة الكاتب العربي) لحليم بركات أيضاً كتاب الدكتور عبدالله الغذامي(الفقيه الفضائي) وكتابه الآخر(اليد واللسان) أيضا كتاب (القبلية: عجز الأكاديمي ومراوغة المثقف).. للدكتور نعيمان عثمان وهو كتاب أدهشني كثيرا قدم فيه الباحث جهدا كبيرا وتقاطع فيه مع رؤى مؤلفين سابقين للقبلية والقبائلية أيضا كتاب الصديق الكاتب أحمد العرفج (الغثاء الأحوى) وكنت أتمنى قراءة كتاب الزميل أحمد عدنان(السجين 32) والذي وقَّع لي فيه إهداء وأرسله مع الزميل عبدالله الطياري الذي مازال يحتجز نسختي من الكتاب منذ سبعة أشهر وما يزال. محمد البشير ويلفت الناقد والقاص محمد البشير إلى بعض الكتب المترجمة مع ما صدر من كتب باللغة العربية حيث قال: كل عام أعقد العزم على أن أكون منظماً ، فأرصد ما قرأت من نتاج ذات العام ، ولكن أعود بالعزم دون أن يتمثل حقيقة أراها ، فما أجمل أن تقرأ ما يجذبك دون أن تعول على رصد، وربما ما سأستعرضه من كتب صدرت هذا العام البشير: استطاع الشطي أن يبرز قراءات العصر الحديث في كتابه (المعلقات وعيون العصر) وقرأتها من خلال ما أسعفتني ذاكرتي أو ظل عالقاً بأطراف مكتبتي دون أن يضيع بين ركام الكتب، وربما ما غاب خير مما سأذكر. ما بين يدي أثناء كتابتي الجزء الأول من كتاب العلامة عبدالرحمن الكواكبي بتحقيق د.محمد عمارة، وهو كتاب صدر مع مجلة الأزهر لشهر ذي الحجة 1432ه، وتكمن أهمية الكتاب في تراثيته، ومصاحبته للخريف العربي الذي أسقط الأوراق اليابسة من الأنظمة المستبدة، وهذا التوقيت منذ حراك الشارع العربي أعادني ثانية لأتأمل ما قرأته في كتاب كراهيات منفلتة: قراءة في مصير الكراهيات العريقة للدكتور نادر كاظم الصادر في العام المنصرم 2010م، وقد أعادني لقراءته ما يمر به الشارع من إثارة للطائفية والإثنية، وما قد يؤول إليه الوضع من حمام دم لا تحمد عقباه، وقد أثار الدكتور نادر كاظم هذا الأمر من خلال تسليط الضوء على وسائل التواصل الحديثة وأثرها في إثارة الكراهية بدل تقليصها. ويواصل البشير: ومما طالعت من كتب صدرت عام 2011م كتاب المعلقات وعيون العصر للدكتور سليمان الشطي، وهو كتاب صدر عن عالم المعرفة في شهر سبتمبر 2011 وقد أفدت من خلال رؤية المؤلف في الفصلين الأخيرين باستعراض قراءات العصر الحديث لهذه المعلقات. ومن كتب الأندية الأدبية طالعت كتابين صدرا هذا العام الأول: غواية الاسم: سيرة القهوة وخطاب التحريم لسعيد السريحي صدر عن نادي الرياضالأدبي من خلال حفر ورصد المؤلف وتتبعه لمسار القهوة عبر العصور منذ اكتشافها وحتى صيرورتها مشروباً متداولاً لدى عامة الناس، وأما الكتاب الثاني، فكتاب القصيدة وتحولات مفهوم الكتاب للناقد محمد الحرز، وهو كتاب صادر عن النادي الأدبي بالجوف، وقد قدم له الدكتور سعد البازعي، وبين دفتي الكتاب عدد من المقالات الثرية التي اختلفت وائتلفت حول القصيدة. ومن الكتب التي طالعتها وتحتاج إلى كثير وقفات ومزيد تأمل كتاب (نحو تاريخ مقارن للأديان التوحيدية) لمحمد أركون بترجمة هاشم صالح. ومن الترجمات كتاب قضايا أدبية: نهاية الرواية وبداية السيرة الذاتية وقضايا أخرى مترجمة لدانيال مندليسون وآخرون، وقام بترجمته: حمد العيسى، وقد لفت نظري الفصل الخامس بعنوان «البست سيلر» في الرواية العربية أو ظاهرة الرواية الشعبية للبروفيسور روجر ألن، واستعراضه لرواية بنات الرياض. ويكتفي الشاعر والمترجم عبدالوهاب أبوزيد بعملين رائعين قرأهما هذا العام وأفاض في أسباب إعجابه بهما فهاهو يقول: من بين الإصدارات العديدة التي قرأتها في هذا العام سأكتفي بذكر كتابين فقط. الأول هو الكتاب الصادر ضمن سلسلة (كتاب دبي أبو زيد: أعجبتني ذائقة الناقد المقالح مع النصوص التي تعامل معها عبر كتابه (مرايا النخل والصحراء). الثقافية) الشهرية الصادرة عن مجلة دبي الثقافية، (مرايا النخل والصحراء) للشاعر والناقد اليمني المعروف عبدالعزيز المقالح. الكتاب يضم مجموعة (قراءات في نصوص لشعراء من الجزيرة العربية) كما ورد في العنوان الفرعي للكتاب. وقد جاء تأكيد المقالح وحرصه على إيراد مفردة قراءات في العنوان الفرعي للكتاب انطلاقاً من الفكرة التي يلح على ترديدها من كونه ليس ناقداً بالمعنى الاحترافي للكلمة بل هو قارئ يوظف معرفته وخبرته الإبداعية والأكاديمية في تناول النصوص والكتابات التي يعرض لها. ولا يخفي المقالح نفوره من مفردة النقد التي كما يقول (صورت من الناقد شرطياً بلاغياً أو لغوياً همه الأول إحصاء الأخطاء ومنح الألقاب والمراتب الفنية). وانطلاقاً من ذلك فهو يتعامل مع النقد الأدبي (بوصفه قراءة رقيقة حانية بالمنتج الإبداعي). وهذه المقولة التي يذهب إليها المقالح قد تفتح عليه باب النقد باعتباره ناقداً أو قارئاً للنصوص كما يحب أن يسمى، إذ إنها قد تعني فيما تعنيه تغاضيه عن عيوب النصوص الإبداعية ومواضع الخلل التي تعتورها، وقد يتجاوز الأمر ذلك ليصل إلى التورط في المجاملات التي هو في غنى عنها. ويوضح أبو زيد سر إعجابه بهذا الكتاب قائلاً: من جانب آخر يرجع المقالح ما يسميه (التخلف الإبداعي العربي) وعدم ظهور إبداع أدبي عظيم يضاهي ما لدى الأمم الأخرى من آداب إلى شيوع النقد الأدبي (القائم على الكراهية وتحطيم المبدعين)، حسب تعبيره. وفي ذلك تبسيط مخل بدور النقد الأدبي بوضعه في ثنائية إما/ أو التي تختزل دور النقد الأدبي في التسبيح بحمد النص أو إعمال معاول الهدم فيه. يحتوي الكتاب على 48 مقالة لشعراء وكتاب ينتمون إلى دول الخليج كافة بما في ذلك اليمن، وقد كان نصيب الأسد من المقالات للمملكة العربية السعودية ب17 مقالاً تناولت تجارب ستة عشر شاعراً سعودياً نذكر منهم محمد جبر الحربي وعبدالله الصيخان ومحمد زايد الألمعي ومحمد الثبيتي وعلي بافقيه وعبدالله ثابت الذي خصه المقالح بمقالتين. الكتاب الثاني هو رواية أحببتها كثيراً، وأعتقد أنها تستحق التنويه وبجدارة، الرواية لكاتبة كندية من أصول أيرلندية اسمها إيما دوناهيو، وقد جاء عنوانها في كلمة واحدة هي «غرفة»، و هو معبر وفيه الكثير من الاختزال والتكثيف والدلالة الرمزية لمن يخوض غمار صفحات الرواية، برغم ما يوحي به من البساطة المفرطة. الشخصية التي تؤدي دور السارد لأحداث الرواية هي جاك، الطفل الذي بلغ للتو الخامسة من عمره. والجميل في الأمر أن لغة السرد ومستواها تتماشى إلى حد كبير مع عقلية وطريقة تفكير طفل في الخامسة من عمره. وحتى في الحوار الذي يدور بين الشخصيتين الرئيستين في الرواية، جاك وأمه، نجد انعكاس المستوى اللغوي لطفل الخامسة من خلال الأخطاء اللغوية التي عادة ما يقع فيها الأطفال في هذه السن. ولعل في هذا الأمر درساً لبعض روائيينا الذين يجعلون شخصياتهم الروائية تتحدث لغة لا تتماشى مع مستواها العمري أو التعليمي أو الاجتماعي. تبدأ أحداث الرواية باحتفال جاك وأمه بعيد ميلاده الخامس، ويتكشف لنا شيئا فشيئا من خلال الحوار الذي يدور بينهما أن حدود عالمهما هي ذات حدود الغرفة التي يقطنان فيها، خصوصا بالنسبة لجاك الذي لا يتمثل ما هو حقيقي لديه إلا فيما هو موجود داخل الغرفة. أما ما يقع خارج حدودها، فهو (فضاء خارجي) بالنسبة له. وما من شيء يربطه بذلك العالم الخارجي إلا جهاز التلفزيون الذي تحذره أمه من الإدمان على مشاهدته لأنه (يفسد العقل). الشخصية الثالثة التي لا تظهر إلا في الظلام هي (نك العجوز) الذي نكتشف لاحقاً أنه اختطف الأم حين كانت لا تزال في 19 من عمرها ليزج بها في تلك الغرفة/السجن المحصنة التي لا تطل على العالم الخارجي إلا من خلال كوة في سقفها. فيصل أكرم ويختلف الشاعر والكاتب فيصل أكرم عن المشاركين حيث أورد فعاليات ثقافية حملها هذا العام فكانت محل إعجابه كملتقى الباحة الشعري وجائزة العواد في ذلك يرى: على رغم أن الأحداث السياسية الحاصلة من حولنا عام 2011 هي المتسيدة لكل أكرم: سحب ترجمة (مختارات من الأدب السعودي) من معرض الرياض للكتاب والتحفظ عليها كان الحدث الأسوأ المشاهد، ثورات ودماء وتغييرات ومواجهات شعبية لأنظمة تتهاوى بما لم يكن يخطر ببال أحد. إلاّ أن كلامنا هنا عن المشهد الثقافيّ فحسب، لذا سأذكر بعض ما رأيته متميزاً: فمهرجان الباحة الشعريّ الأول كان يمتاز بذلك الحشد الكبير لشعراء لم يسبق لهم أن اجتمعوا بهذا الكم الهائل في مكان واحد، وعلى رغم كوني كنتُ لا أزال تحت تأثير أزمة صحية (قلبية) فإنني قد استمتعتُ بحضوري ضمن تلك الجموع الشاعرة، وأظنّ أن كل حاضر لذلك المهرجان كان معجباً بالتفاني والمجهود والحب الذي أتقنه الأحبة المبدعون في نادي الباحةالأدبي لنجاح ذلك المهرجان. ومن الأحداث الكبيرة أيضاً، إنشاء النادي الأدبي بجدة لجائزة (محمد حسن عواد) للإبداع، والجميل فيها أنها ذهبت في دورتها الأولى للشاعر عبد الله الزيد كأول جائزة يحصل عليها في مشواره الطويل مع الشعر. نأتي الآن إلى (الإصدارات) فأقول بإيجاز وتكثيف: كان أهم إصدار برأيي هو صدور مجلدات مترجمة لمختارات من الأدب العربي السعودي الحديث، بلغات عالمية مختلفة (منها الفرنسية والروسية واليابانية) فكان أفضل حدث على مستوى الإصدارات، غير أن أسوأ حدث على المستوى نفسه كان سَحب تلك المجلدات والتحفظ عليها وإخفاء كل أثر لوجودها في معرض الرياض الدولي للكتاب 2011 جرّاء خلاف بين ناشريها. أحمد القاضي أما القاص أحمد القاضي فيشير في إعجابه بعملين روائيين إلى جانب ديوان للشاعر بولص ومما جاء في حديثه: تتراكم الكتب بين أيدينا وينقصنا الوقت دائما لنكتشف أننا لا نستطيع اللحاق بإصدارات المطابع ولذا شدتني عدة كتب في 2011 منها رواية محمد الرطيان (ما تبقى من أوراق محمد الوطبان) عن دار طوى وهي فعلاً كما قال قاضي: خلط الرطيان بفنية بين السيرة الذاتية مع الفن الروائي عبر (ما تبقى من أوراق محمد الوطبان) صاحبها تختلط فيها السيرة الذاتية مع الفن الروائي ويدهشك أكثر الصوت القادم من عمق الرواية فهي رواية بصوتين وأكثر من فضاء فالفضاء البوليسي يتداخل مع المغامرات العاطفية برسم الأجزاء المرقمة. وكذلك مما قرأت رواية (الحاج كوميوستيلا) للروائي باولوكويلو شركة المطبوعات للنشر والتوزيع بيروت والرواية رحلة للحج أو الخلاص يمر بمزار مار يعقوب المزار الإسباني القديم الرواية ابتهال صوفي يستلهم من الشرق روحانية مغرقة في التبتل. أما الكتاب الثالث فهو (إذا كنت نائماً في مركب نوح) للشاعر سركون بولص منشورات الجمل حيث الشعر يمتاس داخلك ببهجة اللفظة المحملة بالصور والمحملة بالمدهش وهو الشاعر المحمل برموز العراق حضارة وإنساناً وهو الممتزج بالروح الأوروبية والأمريكية عبر تجاربه الواسعة ولذا تتجه قصائده نحو المعنى والهامشي. محمد الحمد ويختار الشاعر محمد الحمد كتاباً واحداً أبدى اهتمامه به وقد جمع في هذا الكتاب بين الفكر والسياسة ولذا فهو يقول: اسم الكتاب: « ضد الطائفية العراق ... جدل ما بعد نيسان 2003م». لمؤلفه رشيد الخيون. وناشره «مدارك للإبداع والنشر والترجمة والتعريب» ط1، 2 2011م. حيث ينطلق المؤلف من مبدأ متفق عليه ضمنا وهو ضدية التعصب بجميع أشكاله ويركز بكثير من التفصيل على أخطر أشكال التعصب الذي طرق أسماع الحمد: (العراق.. جدل ما بد نيسان 2003م) رحلة شاقة تتمتع بالموضوعية والحيادية من قبل المفكر رشيد الخيون العالم بقسوة وهو التعصب الطائفي الذي طالما جر العالم الإسلامي إلى ويلات ومصائب ولا زال خطرا يهدد أمنها واستقرارها .. إنها رحلة شيقة تمتاز بكثير من الموضوعية والحياد وترتكز على الوقائع التاريخية وتحرث في حقل البحث والتحليل وترجح حلولا تبث بين ثناياها بأناقة ولطافة وجرأة. مع أن الكاتب يركز على قضية العراق وتجليات الأزمة الطائفية بعد 2003م إلا أنه يبحث في قضية إسلامية عامة قد تمتد إلى كافة بقاع العالم الإسلام باعتبارها قضية إسلامية لا قضية عراقية وإن ظهرت في المشهد العراقي بوضوح. إنه ما سطره المفكر الدكتور رشيد الخيون وقد قرأته مستمتعاً ومستفيداً وفي ذات الوقت متحسراً على ما وصلت إليه أحوال الفكر الإسلامي في هذا العصر صحبت الخيون بقراءته وكأنني أراه أمامي يتحدث بما عرف عنه من لباقة وهدوء وعمق. ويختتم الكاتب والروائي الدكتور فارس الهمزاني فارس الهمزاني هذه الرحلة بكتابين كانت من أبرز إصدارات 2011م ولذلك يقول: لا أظن أن عام 2011 سوف يتذكره المثقفون بالإصدارات المتميزة أو التي سترسخ بالذاكرة. فالمتابع لحركة النشر يجد أن التركيز اتجه للثقافة التلفزيونية والانترنت كون أحداث الربيع العربي كانت تطفو على السطح وبالتالي انشغال المثقفين بمتابعة ورصد الأحداث التي كانت سريعة وذات صخب في أذن المواطن العربي. لكن هذه الهمزاني: شدني كتاب (أشق البرقع.. أرى) لرصده سيرة الشاعرة الدغفق بأسلوب شجي الأحداث لم تمنع من متابعة الجديد خصوصاً بما يتعلق بالرواية ونقدها أو الشأن الثقافي العام. في نظري أن كتاب الناقد محمد العباس (سقوط التابو.. الرواية السياسية في السعودية) يمثل نقله نوعية في ممارسة النقد السياسي للأعمال الرواية بل ويعتبر هذا العمل هو الأول من نوعه في تفكيك الأحداث والأبطال داخل النص مما يعطي جمالاً وبعداً واضحين حول الحالات التي تستدعي النضال بمسميات ومعالم واضحة. كتاب العباس كشف عن شخصيات روائية كانت تختبئ تحت معطف التابو الثلاثي وبالتالي فإن العباس من خلال رؤيته لعالم السرد الروائي يبيَّن أن الزمن هو زمن الشفافية والمكاشفة بعيداً عن النكوص الكتابي تجاه الكثير من القضايا التي كانت في الماضي مجرد الإشارة لها ولو من بعيد تابو. في حين يشير الهمزاني إلى الكتاب الثاني فيقول: الكتاب الآخر الذي شدني وجعلني ممسكاً به من الغلاف إلى الغلاف هو تجربة الشاعر هدى الدغفق في كتابها الجديد (أشق البرقع .. أرى) حيث ترصد الشاعر الدغفق سيرتها الذاتية بأسلوب شجي يندرج تحت أدب السيرة معلنة التحدي أمام مجتمع الانغلاق والسلطة الذكورية. كتبته بأسلوب باهر قادر وبصراحة نادراً ما توجد في مجتمع المرأة المحافظ. فصول الكتاب مثيرة وأهم فصل هو ما يتعلق بعلاقة المرأة مع الرجل في المؤسسات الثقافية راصدة تجربتها الشخصية في النادي الأدبي في الرياض. كما تطرقت لنقطة جوهرية انتشرت في منتصف الثمانينات وبداية التسعينات وهي زواج المثقف من المثقفة وغيرها من القضايا التي ولدت من رحم المجتمع السعودي. باختصار الكتاب يمثل منجزا تاريخيا حضاريا يضيف الشيء الكثير للأجيال القادمة حول وضع المرأة السعودية في حقبة من الزمن.