جوهرة الخضير ( أم مصعب ) لم يتجاوز عمرها الثلاثين عاما، وهي إحدى الملتحقات بدورة تغسيل وتكفين الموتى .. لتتعاون مع زميلاتها اللاتي سبقنها في مركز إكرام الموتى، وتقوم بتغسيل والدتها وتكفينها، ولم تتردد الخضير ولو للحظة واحدة في معرفة طريقة التغسيل والتكفين، كما لم تتردد لأن تكون متطوعة، ولتصبح اليوم «مشرفة القسم النسائي» في مركز إكرام الموتى بالمبرز، .. وهناك العديد من المغسلات من مثل جوهرة ممن خضعن لدورات تدريبية وأصبحن الآن متطوعات رغم أن أعمارهن تتراوح ما بين 20 عاما وحتى 60 عاما .. مزيدا من التفاصيل حول متطوعات مراكز إكرام الموتى بالأحساء في هذه المادة : نظرة المجتمع في البداية تحدثت أم مصعب الخضير عن نظرة الأهل والمجتمع لها كونها مغسلة موتى :» لم ألاق اعتراضا من أهلي أبدا، بل على العكس تماما .. فقد لاقيت تشجيعا من الجميع حتى من أولادي الذين يفخرون بي، رغم نظرة المجتمع لمغسلات الموتى والتي يشوبها الاستنكار والاستغراب، وكأن هذا العمل مقتصر على كبار السن فقط، إلا أنها وفي الوقت الحالي قد تغيرت تماما وأصبحت السيدات يتنافسن على ذلك لما فيه من أجر عظيم»، وتضيف أم مصعب :» تضم الأحساء أكثر من 45 متطوعة رسمية لتغسيل الموتى من السيدات، حيث تنقسم مراكز إكرام الموتى إلى عدة مراكز ومنها مركز الهفوف, ومركز المبرز، ويضم مركز الهفوف موظفتين رسميتين و25 متعاونة رسمية إضافة إلى المتطوعات غير الرسميات واللاتي بالغالب يتواجدن في يومي الخميس والجمعة فقط، .. في حين يضم مركز المبرز موظفة رسمية و 20 متطوعة رسمية تقريبا». دورات ودروس وحول الدورات والمشاركات التي يقدمها المركز قالت أم مصعب :» قدم المركز دورات في التغسيل والتكفين ودورات عن أحكام الجنائز والحداد، وشارك فيها الشيخ عادل العبد القادر والشيخ صالح المحيسن، كما يقوم المركز بتقديم دروس كل يوم اثنين للمتعاونات حول ما يحتاج الإنسان لمعرفته قبل استقبال ملك الموت، وأيضا حثهم على القيام بالأعمال الصالحة، وقد شارك المركز بدورات مع هيئة الإغاثة الإسلامية وجمعية البر في كل من مستشفى الملك فهد, مستشفى العيون, مستشفى النساء والولادة, ومستشفى الجفر والكلابية، والمراكز الصيفية للطالبات بالعيونوالمبرز، إضافة إلى جمعية تحفيظ القرآن الكريم« صعوبات وتتحدث أم مصعب عن الصعوبات التي واجهتها فقالت :» أصعب ما واجهته هو تغسيل المتوفيات بسبب الحوادث, وذلك لصعوبة التعامل مع الجثمان وعدم تحملها للغسل، وكذلك نتيجة لتهتك الأعضاء وانفصالها عن بعضها البعض، فحينها تيمم وتكفن، وكذلك أيضا تدخل بعض قليلي الخبرة في التغسيل، والذين يعتمدون في غسلهم إلى ما أخذوه بالوراثة، والتي لا علاقة لها بكتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم, ومما يرهقنا ويعطل عملنا هو حضور عدد كبير من أهل المتوفية رغبة منهم في الدخول إلى غرفة التغسيل، الأمر الذي يعيق حركة المغسلة «، أما عن المواقف التي تتذكرها أثناء تغسيلها الجنائز قالت أم مصعب :» لقد رأيت في إحدى الجنائز من تظهر على محياها الإيمان وبشاشة الوجه، ومن جنازة أخرى لعائلة أجنبية تعرضت لحادث رأيت ما يلفت الانتباه حيث كانت محتشمة في لباسها إلى درجة كبيرة رغم الحادث الذي وقع لها « شروط وحول الشروط الواجب توافرها في هذه المهنة تحدثت المغسلة المتطوعة أم عبدا لله 35 عاما فقالت :» لابد للمتطوعة أن تجتاز أولا دورة في التغسيل والتكفين، وكذلك حضور غسل وتكفين الموتى, لأن الموقف له رهبته, بالإضافة إلى أن تكون المغسّلة على قدر من الأخلاق والثقة، وأن تتعامل برفق مع الميت، وهناك أنواع مختلفة من الجنائز .. فمنها من تموت بطريقة طبيعية، ومنها من تموت على إثر حادث فتكون بحالة يرثى لها، فلا بد من قوة القلب وتمالك الأعصاب في مثل هذه المواقف العصيبة، هذا بخلاف السرية والتكتم التام فيما تراه المغسلة لقول الرسول صلى الله عليه وسلم :» من غسل ميتا فستره ستره الله من الذنوب, ومن كفنه كساه الله من السندس « الخبرة ومن جهتها تؤكد إحدى المتطوعات أم محمد حرص الكثير من الناس على طلب مُغسلات معينات بالاسم، وأضافت أم محمد :» من المفترض أن تكون المغسلة ذات خبرة واسعة في عملية التغسيل والتكفين، وأن تكون سريعة في عملها، ومتقنة لعملها، كما يفترض منها أن تكون ملمة بكافة تفاصيل العمل مع قدرتها على الإجابة على أي سؤال، وتزداد الخبرة التي تكتسبها المُغسلة مع مرور الوقت، كما أن المشاهد التي تراها سواء هي أو زميلاتها تجعلهن يفقدن اللهفة على الدنيا ويحرصن على الزهد والتقرب من الله أكثر «