هالني ما كشف عنه وزير الثقافة والإعلام من حجم «غرائبي» للشائعات والأكذوبات التي راجت في المجتمع السعودية ورصدتها الوزارة وعملت على تفنيدها ونفيها من خلال خدمة (إيضاح). لقد وصل العدد إلى 1100 شائعة وكذبة (كما وصفها الوزير) تلاقفها الباحثون عن المعلومة المفقودة علها تشفي غليل «نهمهم المعرفي»، أي أن اليوم الواحد في السعودية شهد العام المنصرم تداول ثلاث شائعات ليست واقعية، ما يؤهلها لتكون أكثر بلدان العالم انتشارا للشائعات. إنه لتطور خطير أن تتفشى هذه الظاهرة في المجتمعات، ليس على الصعيد الأمني وحسب، بل على كل الأصعدة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية الثقافية، ولعلها تنبئ بمناخ لا تسوده الثقة ونتاج لمقتضيات التعتيم وعدم الاهتمام بحق الكل في المعلومة. وإن كان الشأن الاقتصادي برأيي قد استأثر بنصيب وافر من الشائعات المتناثرة هنا وهناك، فذلك مرده ما تشهده التنمية الاقتصادية من قفزة نوعية غير مسبوقة، فضلا عن الحاجات الاجتماعية والتنموية الأساسية، ترافق مع هذه الطفرة سوء في إدارة وتوجيه التوعية والخطاب الإعلامي، بل وتخلي بعض الأجهزة والمؤسسات عنه أو افتقارها أساسها إلى معايير صارمة تكسبها طابعا من الشفافية مع المجتمع عموما والعميل المباشر بشكل خاص. ولعل هذه الظاهرة تشكل خطوة بالغة في هز «الثقة» بين مؤسسات الدولة والمجتمع، بل وفقدها أحيانا، وإنه لمن الضرورة بمكان البدء فورا بدراسة جدية لأسباب انتشارهاوبرأيي فإن انتشار قنوات الاتصال الحديثة التي وفرتها وسائل الاتصال الذكية والشعبية العارمة لشبكات التواصل الاجتماعية في المملكة هيأت أرضا خصبة لتداول المعلومة ورواجها وفي أوقات قياسية، حتى أن ناشري هذه الشائعات باتوا لا يجدون مشقة في ترويج ما «خف وزنه وثقلت تبعاته» من معلومات غير موثقة وكاذبة في أحيان أخرى عبر هذه الشبكات. ولعل هذه الظاهرة تشكل خطوة بالغة في هز «الثقة» بين مؤسسات الدولة والمجتمع، بل وفقدها احيانا، وإنه لمن الضرورة بمكان البدء فورا بدراسة جدية لأسباب انتشارها ووضع حلول واقعية تبرهن عن جسر التواصل بين المواطن والمسئول والتأكيد على حقه في امتلاك المعلومة في وقتها، وصولا لفرض عقوبات رادعة بحق أي مسئول يحجب الحقيقة والمعلومة ويتوقع انها «سر من أسرار الدولة» خاصة في المجالين الاقتصادي والاجتماعي. وقد يكون المتتبع لتطورات الشأن الوطني إجمالا قد شهد استخدام المسئولين وبكثرة للآية الكريمة (... إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا ...) لدحض أي معلومة أو شائعة ينفيها ذلك المسئول، وشخصيا فإنني آمل في أن تتم قراءة كل الآيات القرانية مشفوعة بمزيد من الشفافية والإفصاح!! [email protected]