منذ تأسيسه راهن مهرجان الدمام للعروض القصيرة على فسح الفرص للمسرحيين الشباب للاشتغال المسرحي خارج إطار العرضين المنهجيين لكل فرع من فروع جمعية الثقافة والفنون، والعروض الموسمية. فعدد المشتغلين بالمسرح لا يتناسب والعروض المقدمة سنويا، لكن هذا المهرجان كان فسحة للخروج من البطالة المسرحية. سنويا يقدم لنا المهرجان عروضاً شبابية تختلف عما هو سائد، فلا تهريج يطلق عليه كوميديا، ولا نجوم تحشدها مؤسسات الانتاج وتفرضها على الجمهور، ولا تجارة رابحة في هذا المجال. مسرح نوعي يحفز المواهب لاختيار نصوص جادة، ما يتاح لهم محليا أو فيما تحفظه الكتب أو مواقع الإنترنت، وفي التفكير في إبداع رؤى إخراجية تحاول تجاوز العادية، وفي اختيار ممثلين وليس مهرجين يستجدون الضحك بنكتة سمجة أو «إفيه» لا نكهة له كما هو مألوف. عروض شبابية بقي كثير منها في ذاكرة المسرح في المنطقة الشرقية وفي ذاكرة المسرح السعودي، وكانت انطلاقة لممثلين ومخرجين ومؤلفين يحضرون الآن في المشهد المسرحي في المملكة. المهرجان قفز قفزات نوعية حقيقية، فمن مسابقة تجمع عددا من العروض المسرحية البسيطة لفرق محلية، إلى مهرجان متكامل يتنوع بالنشاطات والفعاليات المختلفة.المهرجان قفز قفزات نوعية حقيقية، فمن مسابقة تجمع عددا من العروض المسرحية البسيطة لفرق محلية، إلى مهرجان متكامل يتنوع بالنشاطات والفعاليات المختلفة. فنجد العروض المسرحية التي تشارك فيها هذا العام فرق من مختلف المناطق السعودية، وعرضين عربيين، ومعرض تصوير مسرحي وأمسية شعرية، وندوات فكرية، ومن مسابقة صغيرة في حجمها وإمكاناتها وجوائزها، إلى مهرجان يضاهي مهرجانات عربية في جوائزها التي أعلنت عنها اللجنة المنظمة، ويضاهيها في التنظيم والضيوف والحراك الذي سيوجده خلال عمر هذه الدورة التي تفتتح اليوم. أجزم هنا، بأن المهرجان هو الأهم على المستوى السعودي، خاصة بعد إلغاء نشاط المسرح في الجنادرية ومهرجان المسرح السعودي، وبعد أن استخلص من نجاحات المهرجانات المسرحية العربية العبر ، واستفاد منها في تنظيم دورتيه السابقة والحالية. لذا أرى أن المهرجان يحتاج إلى رعاية كاملة من وزارة الثقافة والاعلام، ماديا وتنظيميا ومعنويا والاعتراف به مهرجانا سعوديا رسميا، ليتسنى لإداراته التي ستتعاقب عليه أن تفتح الباب لعروض عربية أكثر وضيوف مسرحيين، مع إبقاء الروح الشبابية التي تديره التي أجدها أساسا في نجاحه.