أصبح الذكاء الاصطناعي وتطبيقاته من المواضيع الساخنة والمثيرة للجدل في الساحتين الاقتصادية والتكنولوجية، خاصة حول تأثيره في انقراض معظم الوظائف التقليدية التي تعتمد على العنصر البشري بنسبة كبيرة ما يؤدي إلى الاستغناء عن الكثير من الموظفين في صناعات كثيرة تستقطب مئات الملايين من البشر حول العالم ولقد زادت تطبيقاته بوتيرة سريعة وواسعة وكبيرة في السنوات العشر الاخيرة في الصناعات التقليدية مثل صناعة السيارات والمعدات الثقيلة، حيث نرى دوره اليوم في تطور الخط الانتاجي الآلي في صناعة سيارات تويوتا وجنرال موتورز وكرايسلر وفورد وغيرها من شركات انتاج السيارات. وقد تبنته شركة سيارات رولز رويس لتلبية الطلبات المتزايدة لأن الصناعة اليدوية التقليدية ليست سريعة. وستكون قيادة السيارة باستخدام الذكاء الاصطناعي من غير سائق من التطبيقات الثورية في عالم السيارات، وستتوفر قريباً في الأسواق ليصبح سائقها بلا وظيفة ما يفرض عليه تطوير مهاراته للتحول إلى وظائف الذكاء الاصطناعي ليبقى في سوق العمل محافظاً على مصدر رزقه. وهنا تبرز أهمية مواكبة التطوير والتغيير وليس مقاومته. يتوقع بعض المنظرين أن يكون للذكاء الاصطناعي Artificial Intelligence الأثر السلبي على الوظائف التقليدية من حيث اختفاؤها بعد سيطرة تطبيقاته، لكنني اتوقع تولد وظائف أخرى تعتمد على العقل البشري في هذا المجال الجديد. ولقد كان هذا الخوف سائداً في الخمسينات من القرن الماضي عندما دخل الحاسوب في الصناعات، حيث تخوف الكثيرون منه لأنهم اعتقدوا أنه سيختطف الوظائف منهم فقاوموا استخدامه، لكنه شجع صناعات تقليدية كثيرة على استقطاب الملايين من الناس حول العالم، بل ساهم في سرعة وجودة الإنتاج. إن تصور كلاوس شواب في منتدى دافوس بأن حوالي 74% من الوظائف التقليدية ستختفي بسبب الذكاء الاصطناعي أمر مبالغ فيه. ولو سلمنا بصحة ودقة المعلومات التي وردت في كلمته لاستشرفنا ارتفاع معدل البطالة في الدول النامية والدول الاقل نمواً على وجه الخصوص لعدم قدرتها على المنافسة في هذا المجال، حيث ستتأثر قطاعاتها الصناعية التقليدية من تدني الجودة وتراجع المنافسة ونمو معدل البطالة. ومن المؤكد أن جودة الحياة ستتطور وتصبح افضل مما هي عليه اليوم اذا استغل الذكاء الاصطناعي لخير البشرية. وعليه فإنه يتحتم على الموارد البشرية التقليدية تنمية مهاراتها التكنولوجية والمعرفية والتدرب على الوظائف التي تتطلب مهارات الذكاء الاصطناعي. فكونوا مبادرين ومبتكرين قبل تزايد انتشار اقتصاد الذكاء الاصطناعي وسيطرته على الساحة الصناعية. أرى أهمية مواكبة الموظفين من ذوي المهارات التقليدية للتطورات في مجالات الذكاء الاصطناعي والعقل الروباتي (الآلي) حتى يبقوا في سوق العمل مدة أطول.