أحد البُهّات المهايطين شارك في حملة كره ضد المملكة، وغرد منتشياً أنه قد عاش في السعودية «شهرين» بأيامهما الحشف ولياليهما السود، ويقول إنه كان في «جحيم». لم يورد أي سبب إلا أنه يعم بالسوء كل السعودية بسكانها وأرضها ومدنها وجامعاتها وأسواقها، أي لم يكن تحت وطأة سلوك فردي، أو سوء شخص معين سيئ الطباع حتى نعذره، لكنه قال إنه قد «هرب» من جحيم السعودية لينقذ نفسه. أزجيتُ له الحمد على السلامة وهنأته ب«النجاة»، وفي نفس الوقت طلبت منه أن يجد طريقة ل«إنقاذ» مليونين من مواطنيه يعيش بعضهم في المملكة منذ نصف قرن وليس شهرين، ولا بد أنهم يعانون سوط عذاب ويأكلون طعاما من ضريع، ويتقلبون في لهيب النار، والمروءة والشهامة وغيرته الوطنية تحتم عليه أن يفكر في إنقاذهم. وسألته: لماذا برأيك لم يشعر مليونان بهذا الجحيم الذي مسه وخنقه، وهم قد خبروا المملكة وجربوها سنين طوالاً؟. بدأ البطل الأشوس يتلعثم، ولا يستطيع الكلام، إذ لم ينتبه أن مليونين من مواطنيه يعيشون في المملكة، وكثير من هؤلاء كفاءات يملكون فرصاً للعمل في دول كثيرة، لكنهم يفضلون «الجحيم» السعودي. وبعضهم غادر المملكة بعد سنين من العمل، ثم عاد إليها ليمضي سنين أخرى. هذا «انموذج» لأحد الغوغائيين الذين يتبرعون بالمشاركة في شتم المملكة ويعتقدون أنهم حينما يشاركون في حملات الشتم والردح «يونسون» شلل الكره ويحظون بقرباها، وهي الشلل التي جعلت من كره المملكة ومواطنيها وقادتها بضاعة تسوق لها في كل محفل. وهذه البضاعة النتنة يروج لها أساتذة جامعات وصحفيون وقنوات فضائية تدعي المهنية، لكن كلهم جند للشيطان، كيلهم السوء ومأواه سوء المعاد. بل إن شتم المملكة جعل بعض الشتامين نجوماً، فمروج شهير للسوء مثل عبدالباري عطوان، كان يمكن أن يكون بائع شاورما في شارع «أجوار رود» في لندن، لكن شتمه للسعوديين حوله إلى نجم وثري لأنه يبيع بضاعته الملوثة لمشترين متأزمين. وهذا يدل على أنفس مصابة بلوثة عميقة تتحول إلى مشروعات تجارية و«أرزاق»، لم تتمكن الجامعات ولا أنوار المعرفة ولا حتى التفكير المنطقي السليم أن يتغلب عليها أو يعالجها. شاب سوري وناشط في اليوتيوب، طرح مسألة مهمة، قال إنه، حقيقة، يكره السعوديين، وسأل نفسه.. لكن لماذا؟ اكتشف أنه يكره السعوديين منذ صغره لأن محيطه يكره السعوديين ويورد على مسامعه قصصاً تصور السعوديين اثرياء اغبياء متخلفين ومجرمين مهووسين بالجنس، وكل سوء. وحينما فكر بالموضوع وجد أنه كان مضللاً ولا توجد مناسبة كي يكره السعوديين، وقال انه يعتذر من نفسه أولاً، وتحدث عن مناقب السعوديين الكثيرة وعن الجامعات وطروحات السعوديين ونشاطاتهم في الشبكات الاجتماعية. * وتر وطن الشموخ.. مهد العروبة والرسالة الخالدة.. قدرنا أن نمد الأعناق.. والملوثون الظلاميون يجيدون نسج السوء من أجنحة الخفافيش. وطن النور منذ أن ينسج شموسه امرؤ القيس، إلى أن تضاء القناديل في مراكب الشواطئ والوادي الخصيب..