أطرح هذا السؤال في يوم الأسرة العربية الذي يوافق اليوم السابع من ديسمبر كما أقرته جامعة الدول العربية. على غرار الاهتمام الدولي، الذي جعل يوم الخامس عشر من شهر مايو من كل سنة يوما عالميا للأسرة. هذا الاهتمام العربي والدولي بالأسرة لن يكون ذا جدوى إذا لم يكن هناك اكتراث من قبل الأسرة ذاتها من الوالدين والأولاد. الفوز والخسارة منوطان بمقدار نجاح الأسرة في مواجهة تحديات العصر ورياح العولمة وتداعياتها، والتغيرات الاجتماعية، في عصر الفضاء المفتوح وشبكات العالم الافتراضي وقنوات البث الفضائي. وما دمنا على قيد الحياة فالفرصة لا تزال سانحة لنحرز الفوز، لكن إن تأخرنا حتى تطوينا النهاية فلن نملك أي قدرة على تغيير النتائج. { قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلَا ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ} سورة الزمر: (15) إننا في مواجهة حقيقية مع سيل من التحديات التي لحقت بمجموعة القيم والتقاليد العربية والإسلامية، أدى إلى إصابة كثير من الأسر بالتفكك وشرود مراهقيها، وتفريطهم في واجباتهم الدينية والدراسية والأسرية.. وصار البيت لدى كثير منهم بيئة طاردة لا جاذبة، مما يعرضهم خارجه إلى أيدٍ غير آمنة أو أمينة. والسؤال المطروح كيف تواجه الأسرة العربية هذه التحديات التي تهددها بالانهيار والعجز عن قيامها بمسؤولياتها تجاه أفرادها ومجتمعها؟ الخطوة الأولى: هي بث روح المودة والرحمة، والألفة بين أفراد الأسرة، وهذا يتأتى من تقدير الجهود المبذولة، لمن أحسن، وغفران الزلات فتقال لمن أساء، أما إذا ساد النكران والجحود وغاب التسامح فستكون العواقب خلافات بين أفراد الأسر ُتصدّع بنيانها ويدب إليها داء الأمم العداوة والبغضاء.. ولنتذكر كيف أوصانا القرآن بمواجهة حالة العداء بالحذر والتسامح {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَّكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ وَإِن تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} سورة التغابن: (14) الخطوة الثانية: التواصل الإيجابي الفعال: فهذا يساعد على تحقيق التفاهم في جوٍ تسوده الألفةُ، يُخفّف من ضغوطات الحياة، وحل مشكلاتها وأزماتها، ويزيد من وشائج الترابط الأسري، ويُشعر الفرد بمدى انتِمائه للأسرة. والخطاب السديد هو نسيج التواصل السليم وهو ما دعا اليه القرآن {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا} سورة الأحزاب (70). الخطوة الثالثة: التزام كل فرد بمسؤوليته نحو أسرته، وقيامه بحقوقها وواجباتها؛ والخروج من حالة الأثرة التي لا ترى إلا مطالبها وتفقد إحساسها بما عليها من واجبات، وفي حديث المسؤولية (كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْؤول عَنْ رَعِيَّتِهِ) ويفصل ذلك بقوله: (وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي أَهْلِهِ وَهُوَ مَسْؤولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا وَمَسْؤولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا) رواه الشيخان. هذه الخطوات الثلاثية (المودة – التواصل – الالتزام) ضرورية لتتمكن الأسرة العربية من مواجهة تحدياتها، ولا مجال للتقاعس والانتظار. فهيا نشيد جسور التفاهم والتواصل بيننا ونعمل على تنمية الثقة بيننا. فترابطنا لا يحمي الأسرة وحدها وإنما يحمي المجتمع ككل، فالمجتمع السوي يبدأ من أسرة مترابطة.