الدول الكبيرة لا تشغلها الأزمات الصغيرة، تبني مستقبلها بسواعد أبنائها... «هذا الشعب الذي يعيش في الصحراء لديه الكثير من الإرادة والتصميم والعزيمة الجبارة» هكذا قال ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان في إطلاق مشروع «نيوم» الذي يقع في منطقة تبوك شمال غربي السعودية ويمتد بين الأردن ومصر، وعلى سواحل البحر الأحمر وظهيرها جبال تبوك الشاهقة، التي ربما يندهش البعض ان جبالها تكتسي قممها بالثلوج في موسم الشتاء، وعلى مساحة 26.500 كلم2. تطلّ من الشمال والغرب على البحر الأحمر وخليج العقبة بطول 468 كلم، ويحيط بها من الشرق جبال بارتفاع 2.500 متر، مسمى نيوم مركب من «نيو» والتي تعني بالإنجليزي جديد و«م» الحرف الأول من كلمة مستقبل، بمعنى «المستقبل الجديد». أفكارنا مبتكرة لم يسبقنا إليها أحد ومدينة غير تقليدية يتنافس عليها المتنافسون للعيش والعمل وتحقيق أحلامهم، إنما هي ترسخ وتشرح وتختصر حالة السعودية الجديدة، مملكة تخطو للأمام ولا تتراجع، تختصر السنوات ولا تتردد، تصحح أخطاءها ولا تكابر، تحافظ على قوتها وتتخلص مما يضعفها، ومن يرصد المشاريع الكبرى والمبادرات المستقبلية التي أقرتها المملكة وبدأت في تنفيذها خلال العامين الماضيين فقط يستوعب حجم التغيير الإيجابي المهول، فمن مشروع البحر الأحمر، مروراً بمشروع تأسيس الشركة السعودية للصناعات العسكرية، وصندوق الصناديق. ولا جدال في أن مشروع نيوم بضخامته وموقعه يجسد الكيفية التي يمكن النظر للسعودية في حلتها الجديدة، تخيلوا فقط صوفيا هي أول روبوت بالعالم يُمنح الجنسية وجواز السفر سعودياً. ومن الطبيعي أن هناك من يتخوف من عمليات التغيير الجذرية في المجتمعات، فالأفراد عندما يعتادون على أفكار بعينها، حتى وإنْ كانت خاطئة يرفضون التغيير أولاً ثم يقبلونها على مضض وبعدها يتعايشون معها وبعد ذلك تجدهم يدافعون عنها ويرفضون تغييرها بعد أن تأقلموا عليها، ويظنون أن تصحيحها سيكون مكلفاً عليهم، ليجدوا بعد زوالها أنهم بنوا لأنفسهم حواجز فرضتها تلك الأفكار الخيالية، لذلك عندما يأتي مشروع ضخم كالذي يقوده ولي العهد لتحديث الدولة اجتماعياً واقتصاديا وتنموياً، لا نتوقع أن يكون طريقه مفروشاً بالورود، فالصعاب حاضرة والعقبات بانتظاره، والمهم أن السعودية تتجدد كلما ظن الآخرون أنها تعثرت، أصبحنا في وقت لا مجال فيه بالانعزال عن العالم والخوف من الآخر واعتبار ان كل اختلاف تهديد، ولكنا جزء من العالم الذي سيتركنا على الهامش إذا اخترنا البقاء خارج ورشة صناعة المستقبل، والأهم أن قطار التنمية والسعودية بحلتها الجديدة تمضي بثبات وعزيمة وإصرار ولا مكان فيه للمترددين.