نال الأمر السامي بتعديل نظام الحصول على رخص قيادة السيارات بما يسمح للمرأة بالحصول على هذه الرخصة حصة الأسد من اهتمام وسائل الإعلام محلياً وعالمياً، بل ولقي ردات فعل وصلت إلى صدور تصريحات من رؤساء دول ومنظمات دولية تشيد به. والملاحظ أن كل الحديث الذي رافق القرار اقتصر على قيادة السيارة وكأن المرأة السعودية ليس لها أدوار في المجتمع أهم بكثير من موضوع القيادة، خاصةً إذا أخذنا بالاعتبار أن مجتمعات كثيرة في العالم لا تملك معلومات واضحة عن مجتمع المملكة إذا افترضنا حسن النية، وإلا فقد يكون لديها من الافتراءات الباطلة ما يشوه الصورة الحقيقية لهذا المجتمع، ويطمس الجوانب المشرقة فيه، خاصةً فيما يتعلق بدور المرأة ومشاركتها في المجتمع. وأعتقد جازمًا أن من أتيحت له الفرصة لزيارة بعض هذه الدول لديه من التجارب ما يؤيد ما ذهبت إليه.. لا أريد أن يظن أحد أنني أقلل من أهمية الحدث أو أن لي رأيًا مختلفًا عما ذهب إليه الناس، لكن ما أريد قوله إن الحديث عنه ينبغي أن يكون مصحوبًا باعتباره استكمالاً لدور المرأة وحضورها، فهي ليست قائدة سيارة فحسب، هي قبل ذلك قائدة في كل المجالات، فهي قائدة تربوية في الجامعات والمدارس، وقائدة في المؤسسات الصحية والمستشفيات، وفي مجالات الاستثمار والاقتصاد، وفي العمل الاجتماعي والخيري، ولها حضور فاعل في الحركة الأدبية والثقافية محليًا، بل وفي المؤتمرات واللقاءات العربية والدولية، وفي الصحافة والإدارة وغيرها، وقبل أن تحصل على رخصة قيادة السيارة حصلت على رخصة قيادة الطائرة، فالأمر جزء من حركة طبيعية مستمرة وليس منفصلاً عن مسيرة المرأة التي تظل مع كل ذلك لها خصوصيتها التي يحرص المجتمع والدولة على صونها والمحافظة عليها. ربما تجدر الإشارة إلى مخاوف البعض أن يؤدي السماح للمرأة بقيادة السيارة إلى الازدحام في الشوارع، ومضاعفة أعداد السيارات، وزيادة الحوادث، وارتفاع أسعار السيارات إلى غير ذلك من المخاوف، لكن ما أظنه أن الأمر لن يكون تمامًا كما يتوقع هؤلاء، فهو لا يعني أن كل النساء سوف يحرصن على الحصول على الرخصة، ولا على ممارسة قيادة السيارة. ويمكن أن نعرف ذلك بالنظر إلى المجتمعات التي تمارس فيها المرأة قيادة السيارة. هل نجد فعلاً أن 50% ممن يقود هن من النساء؟. نعم هناك نساء يحرصن على ذلك، وهناك نساء أكثر يحملن رخص القيادة ولكن. هل كل من تحمل الرخصة تقود السيارة دائمًا؟. قد تكون البدايات عكس ما أقول لكن بالتدريج بل ربما سريعًا سوف تستقر الأمور ضمن معدلات معقولة وليست كما نظن. وفي جميع الأحوال كل أمنيات السلامة والقيادة بلا حوادث لأخواتنا وبناتنا وأزواجنا الغاليات.