أغرى الحلم والاناة ورجاحة العقل والترفع عن الصغائر، التي هي ديدن المملكة وقيادتها، البعض فتطاولوا حتى أن قال السها يا شمس أنت خفية، وعندها نثرت المملكة كنانتها فتقدم وانبرى منافحا. تقدم رجل تشرب حب البلاد وهو طفل، ولعله ورثه حتى قبل ذلك عن آباء وأجداد أقلتهم أرضها وأظلتهم سماؤها ففخروا بانتمائهم اليها وهي أطهر بقاع الارض فأرضعتهم من ثديها الطيب إرثا من الحكمة، والكرم وطيب المعشر ففجر ذلك الحب فيه ينابيع من البيان وأكسبه قوة في الحجة. ذلكم هو الأستاذ سعود القحطاني المستشار بدرجة وزير بالديوان الملكي. والناس في أمره صنفان، صنف هم أصحاب الفطرة السوية الذين يلهمون الحق الهاما وهؤلاء احبوا تعبيره عما يختلج بدواخلهم، والصنف الثاني هم من طمست فطرتهم واحتاج عندهم ضوء النهار الى دليل. فحاجوه في وطنه وانصرفوا عن ما أظهره من حقائق وحجج شخصه والى التشكيك في دوافعه واسقطوا عليه كل ما ابتلوا به وظنوه يبحث عن جاه على ما هو عليه من جاه او مال وهو الغني بوطنه وشعبه وثقة ولاة الأمر فيه. وهؤلاء وقع كلامه عليهم وقع النبال، فانكشفوا وفزعوا الى اكاذيبهم وذهبوا يبحثون عن هفوة او سقطة -وهو طبع خسة فيهم- ولكن اغشت ابصارهم نصاعة الماضي وجمال الحاضر فلم يجدوا ما يشين او يدنس. وكان الرجل قد عرفهم في لحن القول عندما فسر التشابه في قولهم وعباراتهم وأرجعه في تغريدته التي سارت بها الركبان، الى ان تعميما صدر إلى خلايا عزمي بشارة محلل الجريرة القطرية (والجريرة ليست خطأ مطبعيا) فهي جريرة قطرية بما فعلته وتفعله بالشعوب، وقال إن التعميم جعل أقوالهم تتشابه فهم يستقون من ذات المنبع وانهم في ائتمارهم لم يكونوا مبدعين حتى فيصيغوا صياغتهم الخاصة فوقعوا في التشابه فتشابهت قلوبهم. ويضيف (ويزايدون علينا بقضية فلسطين) ويكتفي بعرض صور لشيمون بيريز في قطر. ولعل ما جبل عليه الرجل من خلق إسلامي رفيع منعه من المن على الفلسطينيين ومن اظهار مواقف المملكة من القضية وما بذلته من جهد وجهاد، او لعله لا يرى في ذلك سببا للمن فهو يراه واجبا قامت وتقوم به المملكة. وبينما يعلى الاخرون ادوارهم -وإن صغرت- تسكت المملكة عن ادوارها وان عظمت، فهم والمملكة كما القول (وتعظم في عين الصغير صغارها وتصغر في عين العظيم العظائم)، وفي النهاية كنت أسمع احاديثه قبل عشرين سنه والآن أتلمس حقيقتها.