«أعشق الدوام لأنه يجعلني أستيقظ مبكرا! وأشعر بالنشاط مباشرة!الدوام فيه متعة حقيقية! خنقتني العبرة من حجم الكذب في الكلمات السابقة!» وصلتني هذه الرسالة التي تحمل الكثير من التشاؤم والإحباط في سطرها الأخير، وأيضا الواقعية والبعد عن المثاليات القاتلة، فالواقع يقول: إن عددا كبيرا من الموظفين لا يرغبون في العودة للدوام، والحالة كما عبر عنها الشاعر الشعبي: يا جعل ما هو مرحبا بالدوامات مفرقة شمل الأهل والقرايب كلٍ على شانك قطع له مسافات خايف يسجل داخل الكشف غايب عقب التجمع والهناء والمسرات بين الجماعة والأهل والحبايب جانا الدوام وفرق العالم أشتات يدعي عليه اليوم ورعٍ وشايب ويكون وقع الدوام أشد وأنكى على الموظف الواقع تحت إدارة مدير لا يفهم الإدارة حقيقة، فهو إما مدير متسلط يتعامل مع الموظفين الذين تحت سلطته- أو من يستطيع منهم- على أنهم مجرد آلات مطلوب منها فقط أن تعمل وتنتج، أو مدير ضعيف لا يملك القدرة على اتخاذ القرار وبالتالي الإبداع ولا التجديد! أو في بيئة عمل يختلط فيها المطبخ بمجلس الرجال بمكاتب الموظفين في عالم يتحدث عن أثر التهوية والإضاءة على عطاء الموظف! ومع ذلك فيجب أن ندرك أنه ليس شرطا حب الدوام فضلا عن عشقه، وأن النجاح ليس مقرونا بذلك، ولكن يجب أن ندرك أن الحياة ليست إجازة دائمة، وأن الفراغ لا يأتي بخير، كما أن الوظيفة مصدر رزق وكم من شخص يبحث عن مثل وظيفته أو حتى أقل منها؟! بالإضافة إلى أن الوظيفة وسيلة لتقدير الذات ونيل تقدير الآخرين! وفوق ذلك كله، الأجر الأخروي، عندما يكون الهدف الرقي بالوطن، وخدمة الآخرين والتسهيل عليهم، وفي هذا دعوة نبوية من رسول الرحمة- صلى الله عليه وآله وسلم-: «اللهم من ولي من أمر أمتي شيئا فشق عليهم فاشقق عليه، ومن ولي من أمر أمتي شيئا فرفق بهم فارفق به»! ولذلك، لا بد من الرقي بالهمة، والسعي للرضا الوظيفي بالإنجاز.