يقول المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم «اللهم من ولي من أمر أمتي شيئاً فشق عليهم، فاشقق عليه، ومن ولي من أمر أمتي شيئاً فرفق بهم، فارفق به» لا أدري هل سمع من يتفنن بتعقيد الآخرين بهذا الحديث أم لا؟! فدعوة نبي الرحمة - صلى الله عليه وآله وسلم - خطيرة وواقعة، فكيف إذا أضيف لها دعوات من يعقدهم هذا المُعقّد؟! مدير يحول إدارته وما ينتج عنها إلى كتلة من العقد ترهق الوطن والمواطن باسم اللوائح والأنظمة! موظف لا يخرج من عنده المراجع وقد قُضيت حاجته، فتعامله مع المراجعين يقوم على التفنن في الطلبات التي ما أنزل الله بها من سلطان، وتمديد المواعيد إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها! عضو هيئة تدريس، سواء في الجامعة أو التعليم العام، سعادته لا تتحقق إلا عندما يرى الرعب في وجوه طلابه، وكأنه ليس صاحب رسالة قوامها كسب القلوب حتى تتحقق الأهداف! كل ما سبق مشاكل، والمشكلة الأكبر أن المعقد يُعقّد ولا يدري أنه مُعقّد، فتجده يبرر ما يفعله بأنه من أداء الأمانة الموكلة على عاتقه، رغم أنه بعيد كل البعد الأمانة! فلا يعني التيسير تجاوز الأنظمة والقوانين، بل يعني تطبيقها في أجمل صورة، وبأيسر طريقة، فالكل بالنهاية ملتزم بالنظام، ولكن هناك فرقا كبيرا بين التزام ينقل صورة جميلة والتزام يشوّه النظام؟! والبعض الآخر من المعقدين يرى أنه بتعقيده غير المبرر يربي الآخرين على الجدية، رغم أنه بتعقيده يقدم صورة منفرة عن الجدية، فليست الجدية قرينة التعقيد والتشدد، بل إن الجادين حقيقةً هم أكثر الناس حرصاً على التيسير والتسهيل! إذن ما السبب الذي يدفع المُعقّد للسير في هذا الطريق الشائك؟! أعتقد أن هناك ثلاثة أسباب واضحة بدون تعقيد: الأنانية، وذلك بالحرص على حماية النفس وبالتالي تعقيد الإجراءات خوفاً مما سيكون، أو لعل من يتعامل معه يهرب فينتهي الأمر، والثاني إعطاء النفس أهمية مزيفة، فهو يعلم أنه لا يملك ما يستحق أن يكون شيئاً مذكوراً، ولذلك يعقد الإجراءات لعل المتعاملين معه يشعرون بأهميته وأن له دوراً يجب احترامه! والثالث: التغطية على ضعفه وعدم فهمه، فكلما زاد الإنسان ضعفاً زاد تعقيداً، والعكس صحيح! أتمنى أن يدرك المُعقّد أنه مكشوف ولا يوجد من يؤيده، وبيننا وبينه التقاعد!