لا تستطيع وسائل الإعلام القطرية السير بدون النهج المضلل الذي رسم لها، وشكل السياسة التحريرية والذي مثلت قناة الجزيرة أبرز تجلياته المعاصرة، واتساقا مع نهجها المضلل، لا تزال وسائل الإعلام القطرية مصرة على الكشف عن «فضيحة» لا وجود لها إلا في أذهان مروجي الشائعات، وأصحاب الأجندة البعيدة عن النهج الإعلامي السوي، ويتعلق إصرار وسائل الإعلام القطرية هذه المرة بإيميلات مسربة جديدة للسفير الإماراتي في واشنطن، يوسف العتيبة، تتحدث عنها وسائل إعلام قطرية إضافة لصحيفة التلغراف البريطانية. رسائل بريد العتيبة الإلكترونية -التي تسميها قطر تسريبات- نشرتها صحيفة التليغراف البريطانية. وتوضح الرسائل المفترضة بحسب الصحيفة أن العتيبة أرسل بريدا إلكترونيا لأحد أعضاء الكونجرس قال فيه: إن قانون «جاستا» الذي يفتح الباب لملاحقة قضائية بحق المملكة على خلفية هجمات 11 سبتمبر قد يؤثر على التعاون في جهود مكافحة الإرهاب. وفي الرسالة المسربة المفترضة يقول العتيبة: إن «مشاركة المعلومات والاستخبارات ستكون أقل ترجيحا» من قبل الدول المعنية بجاستا، أي السعودية والإمارات. وتظهر رسائل العتيبة المفترضة أيضا وجود تنسيق بين الدبلوماسية السعودية والإماراتية في التعامل مع واشنطن، وليس في ذلك إلا دليل على متانة العلاقات بين أبوظبي والرياض. وفي إحدى الرسائل المفترضة، يتناول مسؤول أمريكي مسألة التعديل الذي حاول كل من السيناتور جون ماكين والسيناتور ليندزي جراهام إدخاله إلى قانون جاستا للحد من تأثيره، ويسأل العتيبة ما إذا كانت المملكة مرحبة بهذا التعديل، ويرد العتيبة: إن «عادل الجبير حاول الاتصال بك. الجواب هو: نعم». إذا ليس في الفضيحة المفترضة أي فضيحة، وليس في التسريبات المزعومة أية أسرار، بل انعكاس لعلاقة طبيعية بين دولتين خليجيتين، وهي علاقة يرى السعوديون والإماراتيون أنها كان يفترض أن تكون قائمة مع قطر أيضا. وسبق أن حاولت قطر تشويه سمعة السفير العتيبة الذي يؤدي عمله الدبلوماسي كممثل لبلاده في واشنطن بكفاءة عالية شهد له بها الأشقاء والأصدقاء والأعداء على حد سواء. ومنذ تعيينه عام 2008 سفيرا للإمارات في واشنطن، فرض يوسف العتيبة نفسه كشخصية عارفة ببواطن السياسة الأمريكية، وذلك بذكاء وطموح كبيرين لخدمة بلده ودول الخليج بشكل عام. وصنعت 9 أعوام من العتيبة «نجما دبلوماسيا» في سماء واشنطن، حيث قدم إليها السفير شابا حاملا طموحات كبيرة، مستندا على ما اكتسبه من خبرة عملية أثناء شغله منصب مدير الشؤون الدولية بديوان ولي عهد أبوظبي. وخلال فترة قصيرة كان واضحا أنه يسعى لمكانة دبلوماسية تفرض سياسة الإمارات وتفرضه شخصيا وتسهل على الأمريكيين نطق اسمه، وقد وصفه دبلوماسي سابق في البيت الأبيض بأن «لديه دهاء لا يصدق، ويجيد ممارسة اللعبة السياسية التي تدور في واشنطن». والسفير يوسف العتيبة من مواليد 19 يناير قبل 43 عاما، ولقبه يعود إلى والده الأديب والسياسي الدكتور مانع سعيد العتيبة، أول وزير نفط إماراتي. كانت دراسته الجامعية في القاهرة، وتحديدا في جامعتها الأمريكية، كما حصل من جامعة جورج واشنطن في الولاياتالمتحدة على شهادة عليا في العلاقات الدولية. وفي واشنطن، سعى العتيبة لتطبيق ما درسه عن العلاقات بين الدول في توطيد علاقة بلاده بالولاياتالمتحدة والدفاع عن لواء الإمارات ودول الخليج عامة.