فكرة تفوّق الجنس الأبيض ليست غير أخلاقية فقط، بل فكرة عفا عليها الزمن ولا تصلح في أمريكا المعاصرة، وتعتبر قضية خاسرة.. هذا ما يقوله في «واشنطن بوست» ناثان غاردلز مؤسس مشارك لمعهد بيرغروين ورئيس تحرير «ذا وورلدبوست»، فهو يرى أن ذلك ما يُمثّل الحنين إلى ماضٍ يحمل في جوفه مضامين بغيضة، وأن الأقليات من غير البيض أصبحت تشكّل حاليًّا أغلبية في كاليفورنيا، وأن الولاياتالمتحدة بأكملها ستصبح مثلها بحلول عام 2044، وأن العالم سبقها إلى ذلك منذ وقت بعيد. فالمستقبل في الولاياتالمتحدة وفي أماكن أخرى سيصبح أشبه بالسباق الكوني «la raza cósmica» على حد قول الفيلسوف ووزير التربية المكسيكي خوسيه فاسكونسلوس عام 1925، الذي يعتقد أن إثنيات العالم ستندمج كلها في هجين واحد أطلق عليه «المولدين» mestizo. ووفقًا لما نشرته «واشنطن بوست»، عندما زار الصحافي والمصوّر البولندي ريزارد كبوسنسكي لوس أنجلس في 1987 لفت انتباهه تنوّع سكانها، فقال: إنها بتنوّع سكانها من المكسيكيين والكوريين والصينيين تعتبر تحقيقًا مبكرًا لنبوءة فاسكونسيلوس، وأنه أصبح هناك إمكانية لأول مرة منذ زمن الامبراطورية الرومانية لصناعة تاريخ حضارة، وأن الفرصة قد أتيحت لأول مرة لبنائها على أسس جديدة بتقنيات جديدة، صناعة حضارة.. انفتاح وتعدّد غير مسبوق..، وأضاف «إنها حضارة العقل التعددي polycentric التي تترك وراءها وإلى الأبد العقل الإثني والعقلية القبلية وعقلية التدمير». وبالنسبة ل«كبوسنسكي» كمراقب حاذق للأحداث وكاتب تاريخي لعشرات السنين في حقبة ثورات ما بعد الكلونيالية عبر العالم الثالث، يقول «إن السباق الكوني يولد حاليًّا في لوس أنجلس في الثقافة إن لم يكن بالمفهوم الإنثروبولوجيكي، فسيفساء ممتدة من أجناس وثقافات ومعتقدات وعادات متنوّعة تتفاعل جميعها في بوتقة واحدة؛ باتجاه هدف واحد مشترك يرمي لتحسين حياتهم، فهو من وجهة نظر عالم يغرق في صراعات دينية وإثنية وعرقية فإن هذا التعاون المتناغم شيء مذهل». في هذا الوصف يلتقي كبونسكي مع أوكتافيو باز، الشاعر المكسيكي الحائز على جائزة نوبل الذي أطلق على الولاياتالمتحدة «جمهورية المستقبل»، وهي كما قالت وزيرة الخارجية السابقة كوندوليزا رايس «إنها مكان.. ما يهم فيه إلى أين أنت ذاهب وليس مهمًّا من أين أتيت». أما الرئيس الأمريكي السابق بيل كلينتون، فقد قال «نحن نعرف من الجينوم البشري أن الناس متشابهون جميعًا بنسبة 99.5%، ولكن يبدو أن بعضهم يمضون 99% من أوقاتهم قلقين من أولئك ال0.5% المختلفين عنهم»، وهذا خطأ بالغ إذ ينبغي أن نركّز على ما هو مشترك بيننا، فنحن نستطيع اتخاذ قرارات أفضل في مجتمعات متنوّعة أكثر مما نكون في مجتمعات متجانسة. وختمت الصحيفة الأمريكية بالقول «لو كان الأمر مجرد موروث، لماذا لم يوضع تمثال للجنرال جيمس لونجستريت، أحد ضباط الجنرال روبرت لي؟ فهو قد عارض توجّهات قائده، ولهذا لم يخلد بين رموز العنصرية البيضاء، الذين كانوا يكتبون التاريخ والقانون الذي أسقطوه من ذاكرتهم الشعبية».