بدأت في الظهور فكرة المحافظة على المباني الأثرية والتراثية عالميا في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر الميلاديين، وصاحبهما إعادة تأهيل للمباني والقصور الأثرية التي تستخدم كمزارات للسياحة كخطوة أولى، ومن ثم تبعها تأهيل مراكز المدن، وانتقلت بعد ذلك إلى المحافظة على المنازل الأثرية وترميمها والسكن فيها، ولذلك نشاهد في الكثير من الدول وخاصة في انجلترا وفرنسا وأسبانيا وباقي دول أوروبا وغيرها منازل تستخدم للسكن تم بناؤها من عشرات السنين وربما يتجاوز عمر المنزل مائة عام وأكثر. لدينا، تأثر تراثنا العمراني بشكل كبير، سواء عن طريق عوامل الزمن وما صاحبها من عدم ترميم ومتابعة، أو بالإزالة المتعمدة لبناء منازل أو مراكز حديثة؛ وهو ما أدى إلى نسيان تفاصيل ومسميات بيئتنا العمرانية، وبالذات لدى الجيل الجديد، فالكثير لا يعلم ما هو (المجبب، والروشن، والمقلط، وبطن الحوي، والسكه) وهي مسميات للغرف والساحات داخل المنازل قديما. الآن، هيئة السياحة والتراث الوطني تعمل بجدية بمساعدة المهتمين والشيوخ وغيرهم، بما يحفظ هذا التراث، وهناك أيضا بعض الاجتهادات على وسائل التواصل تكشف عن بعض تلك المنازل والمساكن القديمة. مدينة أشيقر، تبعد عن الرياض 180 كيلو مترا، قام الأهالي بمبادرة جميلة عن طريق ترميم المدينة القديمة بشوارعها ومنازلها ومساجدها، بشكل كامل، بحيث تشعر وأنت تتجول داخلها كأنك عدت للوراء 150 عاما كما تحولت لمزار سياحي يفد إليها الناس من كافة مناطق المملكة، وتعتبر أشيقر بحق من لها قصب السبق، حيث بدأت تتبعها بعض البلدات الصغيرة مثل عودة سدير التي حذت حذو أشيقر ورممت الكثير من منازلها القديمة. أتمنى أن تعمم الفكرة، بحيث يصبح هناك أحياء تراثية نموذجية، وبالأخص في العاصمة الرياض والمدن الكبيرة التي يفد إليها الزائرون من مختلف مناطق العالم، فهي تعبر عن تراثنا وثقافتنا وهويتنا العمرانية، التي أوشكت على الاندثار.