لم يأت أمير قطر بشيء جديد في خطابه يوم أمس، فهو يتحدث عن السيادة القطرية رغم أن دخول الجيوش الأجنبية للدوحة يخدش هذه السيادة بشكل مباشر، والمطالب التي تقدمت بها الدول الداعية لمكافحة الارهاب لا علاقة لها من بعيد أو قريب بالمساس بالسيادة القطرية، بل هي مطالب لردع الدوحة عن الانغماس في تمويلها للارهاب رغم أنها تقدمت من قبل للدوحة بمطالب متجانسة ورفضت بعد التوقيع عليها. وقد تحدث عن امكانية حل الأزمة عبر التحاور بين الدوحة والدول الداعية لمكافحة الارهاب، رغم علمه يقينا بعدم جدوى الحوار حيال أمور غير قابلة للمناقشة، فدول العالم كلها تشجب الارهاب وتندد به، فالحوار حول مسألة وقف الدوحة عن دعمها للارهاب وتمويل الارهابيين وايواء رموز هذه الظاهرة الشريرة داخل دولة قطر واستمرارية الاعلام القطري الذي ما زال يخلط السم بالعسل في مزاولة أكاذيبه هي مسائل غير قابلة للحوار. الخطاب القطري عزف على آلام ومعاناة القطريين من جراء ما اتخذته الدول الداعية لمكافحة الارهاب، وهو عزف لا مبررله بحكم أنه جاء نتيجة طبيعية للتعنت القطري ومزاولة ساسة قطر لسياسة الازدواج الواضحة، وهو عزف مستهجن ومستغرب، فالدول الداعية لمكافحة الارهاب حريصة على مصالح الشعب القطري ولكنها في الوقت ذاته حريصة على الحفاظ على سيادتها وأمنها واستقرارها وسيادتها على أراضيها. واشادة الخطاب بالدور الكويتي تبدو منطقية شريطة الالتزام بما طرحته الدول الداعية لمكافحة الارهاب أمام سمو أمير دولة الكويت بأهمية التزام الدوحة بالمطالب العقلانية والمنطقية التي قدمت لساسة قطر ومازالوا يضربون بها عرض الحائط، فإذا كان أمير دولة قطر صادقا بدعم هذا الدور وتأييده فلابد من التزامه الوثيق بما جاء في تلك المطالب العقلانية التي قدمت للدوحة. أما المزايدة التي جاءت في الخطاب حول أحداث المسجد الأقصى وأهمية تضافر الجهود العربية لاحتوائها بدلا من الخلافات العربية / العربية فهي مزايدة مكشوفة ولا يجب طرحها كطوق نجاة تمارسها الدوحة للخروج من أزمتها العالقة، فكل العرب يشجبون ما يحدث في القدس ويصرون على أنها أحداث دامية سوف تؤدي الى عرقلة الوصول الى تسوية لأزمة الشرق الأوسط، وتوظيفها في الأزمة الخليجية العالقة لامبرر له. ليس أمام الساسة بقطر الا الرضوخ لصوت العقل وانفاذ المطالب المنطقية التي تقدمت بها الدول الداعية لمكافحة الارهاب والمؤيدة بكل تفاصيلها وحزئياتها من قبل المجتمع الدولي كله، وليس هناك ما يدعو لاستمرارية قطر في ممارسة السياسة الازدواجية الواضحة حيال الأزمة العالقة بينها وبين الدول الداعية لمكافحة الارهاب، فما عادت ألاعيب هذه السياسة تنطلي على أحد. الخطاب برمته لا يقدم جديدا والأجدر بالدوحة بدلا من مناوراتها السياسية التي مازالت تمارسها أن تعود الى صوت العقل وتحكمه في أزمتها مع الدول الأربع، ودون الانصياع لتلك المطالب فان أمد الأزمة سوف يطول وتتحمل الدوحة تبعاتها وسلبياتها المؤلمة، فلا مناص من الحقائق الواضحة المؤيدة من قبل كافة دول العالم والمتمحورة في استمرارية مكافحة الارهاب ومموليه بالمال والاعلام والمواقف السياسية كما هو الحال مع ساسة قطر.