لا يبدو في أفق الأزمة العالقة بين دولة قطر ودول المقاطعة وغيرها من دول العالم في الشرق والغرب ما يلوح بانفراجها الحاسم، فالدوحة ما زالت تمارس مناوراتها السياسية وتؤكد أن المطالب طرحت لترفض، وهو رفض غير منطقي على الاطلاق وإن استمرت الدوحة على التمسك به فإنه لا يفسر الا بمضيها في دعم ظاهرة الارهاب. ولا شك أن الخطوات المقبلة في التعامل مع التعنت القطري ستكون مؤلمة لا سيما في جوانبها الاقتصادية تحديدا، فالمقاطعة الحالية أثرت على تلك الجوانب بصورة واضحة وأثرت على ترنح الريال القطري ووقف التعامل به دوليا، والخطوات التي ستلي خطوة المقاطعة تتحمل الدوحة نتائجها السلبية. وقد رفض مجلس الأمن معالجة الأزمة من جانبه بما يضاعف من أهمية معالجتها داخل البيت الخليجي، وهي معالجة لا بد من الأخذ بها حفاظا على المنظومة التعاونية الخليجية من التفكك، فخروج أحد أعضائها عن إجماعها له تأثيره السلبي على ميثاقها ومبادئها المعلنة، وقد نادت المملكة وسائر الدول الخليجية بأهمية معالجة الأزمة خليجيا خشية التدويل الذي لا يصب في المصالح القومية لدولة قطر ولا يصب في المصالح الخليجية بشكل عام. وتدويل الأزمة سوف يسمح لأي دولة بالتدخل في الشأن الداخلي لدول المجلس، وهو تدخل مرفوض من قبل كافة الدول الخليجية والعربية والاسلامية والساحة العربية كما هو مشاهد مليئة بأمثلة مشهودة حول تدخل بعض الدول في شؤونها، ولم يسفر هذا التدخل الا عن تمزيق تلك الدول واطالة أزماتها وحروبها. لقد وقعت الدوحة في المؤتمر العربي الاسلامي الأمريكي الذي عقد مؤخرا في الرياض على تعهد مكتوب بمكافحة الارهاب وعدم دعمه بأي شكل من أشكال الدعم، واذا بالدوحة بعد فترة قصيرة تتنصل من تعهدها وتضرب به عرض الحائط، وهو تأكيد واضح على الاصرار القطري بشق الصف الخليجي والعربي والاسلامي والاستهانة بالاجماع الدولي المعلن والمشهود بمكافحة ظاهرة الارهاب. ليس أمام الدوحة الا خيار واحد للخروج من أزمتها الطاحنة والعودة الى دائرتها الخليجية والكف نهائيا عن دعم ظاهرة الارهاب بأي صورة من الصور، والقبول بالشروط العقلانية والمنطقية التي تقدمت بها دول المقاطعة، وبدون هذا الخيار فإن الأزمة العالقة سوف تدخل في نفق مظلم وسوف تواجه الدوحة مصيرا مجهولا لا يمكن التنبؤ بعواقبه السلبية والوخيمة.