قبل أيام قليلة قامت وزارة الشؤون البلدية والقروية بإطلاق مبادرة «المدن الذكية»، هذه المبادرة هي أحد برامج التحول الوطني 2020. على الرغم من أن الوزارة سبق أن اعترفت بعدم وجود تصور واضح لمفهوم المدن الذكية ومكوناتها في المملكة وضعف التنسيق بين الجهات ذات العلاقة وعدم جاهزية البنية التحتية وتقادم العديد من الأنظمة والتشريعات، إلا أن الوزارة رأت ضرورة المضي في هذا التوجه وتسخير الإمكانات المادية والبشرية له، وإقامة المؤتمرات والندوات للترويج له. إن السباق مع الزمن الذي تعيشه المملكة والذي بسببه أُعدت برامج التحول الوطني، قد فهمه البعض بأنه يعني تحقيق إنجازات - مهما صغرت ومهما قل أثرها على التنمية - ذات صبغة تقنية، على الرغم من كونها لا تلبي طلبا ملحا ولا تجلب نفعا كبيرا يصعب تأجيله، إلا أنها يسهل تحقيقها ولا تتطلب الكثير من الموارد المالية لتنفيذها. إن البنى التحتية للمدن تعاني نقصا كبيرا وتدني جودة الخدمات المقدمة والأمثلة على ذلك واضحة للعيان. الأحياء السكنية تكاد تكون خالية تماما من أرصفة المشاة، والشوارع قلما تجدها خالية من الحفر والمطبات العشوائية وغالبا لا يتم تخطيط مساراتها وفقا للأنظمة والمعايير العالمية، كما أن المدن الكبرى تعاني قلة المواقف العامة المنظمة وتفتقر إلى المتنزهات الكبيرة وأماكن الترفيه والتسلية. أما الأنظمة التي تعمل بها المدن - سواء ما تعلق منها بالتخطيط أو استعمالات الأراضي أو أنظمة البناء - فمعظمها أصبح غير قادر على تلبية حاجة الساكنين ومواكبة التطور، بل ان الكثير منها أصبح عائقا أمام التنمية وسببا لكثير من المشاكل مثل الازدحام المروري والحوادث المرورية وإثقال كاهل الدولة بتمديد الخدمات لمناطق متباعدة، مما جعل الجهات الخدمية الأخرى تعجز عن تقديم خدماتها على الوجه المطلوب. لقد كان الأولى أن تضع الوزارة خطة واضحة لأهداف مدروسة تُحول بلدياتها إلى «بلديات ذكية»، بحيث تصبح مدننا بحلول 2020 مدنا تماثل شبيهاتها في الدول المتقدمة من حيث جودة الخدمات المقدمة والبنية التحتية الصحيحة والأنظمة التفاعلية التي تخدم تطور المدن وسكانها.