لنا في الخليج العربي خصوصياتنا في الكثير من الاشياء ومنها الطعام، ففي السنوات العجاف وفي ايام الفقر وشظف العيش أكل الكثير من ابناء الخليج لحم الضب والجربوع، واكلوا الجراد المشوي كذلك، ولكن على الرغم من أن هناك أنواعا من الذئاب تعيش في المملكة، منها الذئب العربي والرمادي، إلا ان القليل منهم أكل من لحومها، بينما بعض اهل البادية جربوا أكلها قبل أن ينعموا باستقرار العيش، وكان ذلك من العادات القديمة المتوارثة التي ما زالت ذكرياتها عالقة في أذهان البعض منهم. ثمة أمور عديدة يُمكن التوقف عندها في هذا السياق، منها أن الذئب العربي متواجد في بعض الاماكن فى المملكة، وكذلك في سوريا والاردن وفلسطين وغرب العراق وفي عمان واليمن وفي سيناء المصرية، ومنها أن الذئب من الحيوانات التي اصبحت مهددة بالانقراض، وذلك يعود الى عمليات الصيد الجائر التي تستهدفها، ولكن رغم تناقص أعدادها، إلا أن الهيئة الوطنية لحماية الحياة الفطرية وإنمائها تقوم مشكورة بحمايتها، فمحمياتها تحتوي على اعداد لا بأس بها من الذئاب التي كادت أن تنقرض، ومنها أن بعض أهل شمال المملكة لا يزالون يمارسون تذوق لحوم الذئاب، لاعتقادهم أنها علاج لحالات (مس الجن) أو لطرد الأرواح الشريرة وإبطال أعمال السحر، ورغم أن الذئب ينقل العديد من الأمراض، منها مرض الجمرة الخبيثة والبروسيلا، والحمى القلاعية إلا أن البعض منهم يزعم أن الإنسان إذا أكل من لحم الذئب أو قلبه شفي من الامراض، وإذا شرب من دمه أصبح شجاعا، وفي الموروث الشعبي في الخليج يطلق على الرجل الشجاع لقب (الذئب)، ومن الخرافات والاساطير التي ما زالت تعشش في عقول بعض البسطاء ذلك المثل الشعبي الذي يقول (شبعِة من ذِيب عن مية طبيب)، هؤلاء ينطلقون من مبدأ فج ساذج لا يمكن لأي عاقل أن يقبله، وهذا ليس نسجا من الخيال والأوهام، فقد روى معالي وزير البترول والثروة المعدنية السابق المهندس علي بن ابراهيم النعيمي في كتابه الرائع (من البادية إلى عالم النفط) ما يؤكد اعتقاد اهل البادية بأن الشجاعة مقترنة بأكل لحم الذئب، كما أن معاليه قد أكل لحم الذئب في طفولته، وجاء في كتابه ما نصه: (خرج خالي يجر وراءه ذئبا سمنته لحوم شياهنا، قيل لنا فيما بعد إن لحم الذئب يمدنا بالشجاعة، فالتهمت حصتي من الذئب المسلوخ بلا تردد غير آبه بملوحة طعمه التي ما زلت أذكرها، وارتديت مثل أخي محمد قلادة فيها ناب انتزعه خالي من فك الذئب، إذ يعتقد الخال بأن الناب يطرد الجن).. هذه الاعمال ان كانت مقبولة في الماضي، فهي لم تعد مقبولة اليوم، وفي كل الاحوال.. هل انت -عزيزي القارئ- من الذين تذوقوا لحم الذئب؟.