هذه قصة قديمة , تبين لنا ما قد يجري على الانسان من النكبات والخوف من الأعداء . كذلك تبين خطورة السباع إذا كان الرجل وحده " خلاوي في الخلا ولا معه سلاح " فالسبع اذا صار جائعا يهم بالرجل ويأكله وليست كل الذئاب تفعل ذلك وانما بعضها من المتعودة على أكل الموتى بالمعارك , فالرجل اذا كان بالخلاء أو كان نائما فهي تفترسه . قيل أن رجلا عابر طريق سار من عرب الى عرب آخرين , وبينهما مسافة طويلة , وكان معه عنزتان يريدهما " منائح " لعياله وكان في اشد الحاجة لهما , وعندما أمسى الليل في الخلاء لم يكن معه سلاح , وكان معه فقط " مشعاب " كبير , وكان الرجل تعبان من طول المشي ورقد أما العنزتان فربطهما عنده , وجاء ذئب وخطف واحدة منهما , وأكلها , فلما أصبح واذا واحدة من المعز قد أكلها الذئب , فواصل مسيره ومعه العنزة الثانية وفي الليل نام دون موطن أهله فلما رقد جاءه الذئب , وخطف العنزة الثانية , وهو راقد لم يشعر به من التعب لأنه طوال نهاره وهو يمشي على الاقدام , فلما أصبح واذا العنز الباقية قد أكلها الذئب , فواصل مسيره مفلسا من العنزتين , فلما جاء آخر النهار , واذا بالذئب الأمعط يعترض طريقه , وأخذ يمشي معه كأنه " خوي " له , فلما أظلم الليل وقف الرجل تحت جبل , وعندما جلس جاء الذئب ووقف أمامه , وأخذ يهز شعره ويرتعش , ويكشر عن أنيابه ويقترب منه , قال : من المؤكد أن هذا هو الذي أكل غنمي جاء الليلة ليأكلني فوقف الرجل وأخذ يعتزي ويعرض الشجاعة , لكن في الحقيقة الخوف بين أضلاعه , وأخذ المشعاب وصار يوجهه عليه كأنه بندقية , وفجأة ثارت بندقية مرت رصاصتها من أمامه وأصابت الذئب , وكانت آتية من جهة الجبل وسقط الذئب ميتا فأخذ ينظر الى مشعابه مستغربا ومندهشا . قال : هل مشعابي انقلب بندقية وأخذ يطالعه ويطالع الذئب الميت عنده , فتبين أن هناك رجلا قد أخفى نفسه في الضلع , رأى الذئب وخاف أن يأكل الرجل فثور عليه , وذبحه ونزل من الضلع , قال لصاحب المشعاب " عفيه" ذبحته ؟ قال : لا والله ذبحته أنت , عساك ما تُذبح . وبهذه المناسبة قال صاحب المشعاب أبياتا طويلة منها : ==1== يا راكب اللي للفيافي تخمي==0== ==0==الى مشت معء خايعٍ تمرس امراس تلفي على اللي لد بالعين يمي ==0== ==0==وانا بخدٍ خاليٍ ما به أوناس يا ذيب ذقها من يمين ابن عمي==0== ==0==منيّتك عنده بقفشٍ من الماس بعد المواعز جيت مطلبءك دمي==0== ==0==والحي له من والي العرش حراس==2== المصدر : كتاب " قصة وأبيات " لمؤلفه ابراهيم اليوسف