رغم تهالك مبانيه الطينية التي مرت مئات السنين على تاريخها العريق الذي دونته أسر أحسائية عاشت بين أزقتها وبراحاتها الواسعة، يظل حي (النعاثل) أكبر أحياء مدينة الهفوف رمزاً في عمر الأحساء القديم، يجاوره حي الكوت العريق من الشمال ومن الجنوب الرقيقة ومن الشرق الرفعة الجنوبية ومن الغرب السيفة، ليكون محاطا بمواقع تحكي قصص القدماء وعراقة تراث عمراني أصيل وتمازج اجتماعي فريد من نوعه، وتعود تسمية حي «النعاثل» من اسم بطن من بطون عقيل من بني عبد قيس تسمى «النعاثل» يعتبرون أول من سكن المنطقة. تعايش واسع تزاحمت الأسر وسط بيوت النعاثل لتفوح رائحة التعايش الاجتماعي بين أطياف المجتمع المختلفة فيه، ويتكون الحي من عدة فرجان - مفردها فرجة وهي الفتحة بين المساكن- من سكانها بيت محمد السري، والزيد والعديل، والحيكان، والمبارك الملحم، وبيت العسكري أو ما يعرف ب«صكة العسكري»، وبيت السبيت، والحنين والراشد والبوجليع والبدر ومسجد البراحة وبجانبه بيت الدحيلان والملحم والجغثم والريزان والخوفي والبوطويبة وبيت السعيد والتريكي والثابت والحبيل، والعيسى والدخيل والسليم والدرويش والحسين والحول وبينهم نجد السباط الذي يؤدي إلى البراحة، ويسكن داخل السباط الدرويش والدحيلان والحنين. فرجان قديمة وفي هذا الصدد، أوضح مدير عام هيئة السياحة والتراث الوطني في الأحساء خالد الفريدة أن أشهر فريج في النعاثل هو فريج الملحم ويسمى الهدام وهو أول فريج في حي النعاثل والذي سكنته عائلة الملحم، ومعظم البيوت تساقطت، وبجانبه بيت الحمدان وبيت البوعبيد وبيت ال ثاني والنعيم والطعيمة وبيت ناصر بن عبدالله الملحم وبيت فهد الملحم والدوغان. جمال بلا رتوش ومن الناحية الجمالية، قال د. مشاري النعيم: يجب ألا نغفل عن أهمية الفريج في أنه أضاف مسحة جمالية خلابة في مدينة الهفوف وعلى المدن العربية الإسلامية بوجه عام من حيث التوافق بين الإضاءة والنور والعتمة، وبين الشمس والظل، والعمق الكتلي للعمارة الأحسائية، مما أعطى عمقا للنسيج العمراني، كما أنه وفر مساحات اجتماعية مهمة جداً، مبيناً أن الساباط غير مستخدم في الوقت الراهن، والفرجة هي الفتحة بين المساكن وتستخدم للنساء للتزاور خلال الفريج، فيما يساعد الساباط على حركة النساء بين الطرفين في الفريج وغالباً تمر خلاله سكة رئيسة، ووجود الساباط مثل الجسر الذي يربط بين الجهتين وتتزاور النساء عبر الأسطح ولا تحتاج أن تخرج عبر الطريق الرئيسي.