تنتشر في محافظة الاحساء وخاصة مدينة الهفوف القديمة «الساباطات»، التي تشكل بناء تراثيا مازالت اثاره ماثلة حتى يومنا هذا، وتضم مسحة جمالية خلابة من حيث التوافق بين الإضاءة والعمق الكتلي للعمارة الأحسائية، كما أنه أعطى عمقا للنسيج العمراني بأنه وفر مساحات اجتماعية مهمة. والساباط عبارة عن غرفة تبنى بمكان عال فوق الطريق وهي بمثابة جسر تربط بين مبنيين أو جهتين، وهناك الفريج وهو مأخوذ من كلمة فرجة وهي الفتحة بين المساكن وتستخدمها النساء للتزاور فيما بينهن دون الحاجة للخروج عبر الطريق. وقال مشرف مركز التراث العمراني الوطني الدكتور مشاري النعيم إن الساباط عبارة عن عنصر عمراني وهو مشهور في اغلب الدول العربية والإسلامية، خاصة في تونس والرباط، ولكن هناك بعض المناطق تحمل أسماء أخرى له مثل نجد. موضحا أن الساباط ظهر كضرورة عمرانية من أجل التوسع في عمارة المسكن، حيث إن المدن القديمة كانت محصورة داخل الأسواق، وكان التمدد الأفقي صعبا وليس متاحا في كثير من الحالات كون المساحات محصورة داخل أسوار المدينة ولا تسمح بالتوسع الأفقي آنذاك، لذا ظهرت الساباطات لسد حاجة المجتمع والأسر من المساحات العمرانية التي تحتاج إليها الأسر الممتدة. والساباطات ظهرت في الوظائف التي تحتاج اليها الاسرة، وبعد ذلك أصبحت حاجة بيئية خاصة في المناخات الصحراوية، التي تحتاج إلى مساحة ظل ضرورية حتى يستطيع الناس استخدامها، وكان يتجمع داخلها كبار السن خاصة في الفترات المشمسة. والهفوف مشهورة بساباطاتها والمكونة من 4 أحياء «الرفعة الشمالية والرفعة الجنوبية والكوت والنعاثل»، وتعد الرفعة الشمالية أقدم حي وهو عبارة عن قرية معزولة عن الهفوف القديمة، التي كانت آنذاك عبارة عن الكوت فقط في زمن الجبريين والزمن المبكر للعثمانيين في القرن السادس عشر، وبعد ذلك امتدت إلى النعاثل ثم ضمت الرفعتين الشمالية والجنوبية. والرفعة الشمالية كانت أكثر الاحياء احتواءً على الساباطات وكان أغلب الطرقات مغطاة بها وتشبه إلى حد كبير «مدينة غدامس الليبية»، بالإضافة إلى الكوت التي يوجد بها عدد كبير من الساباطات وأشهرها ساباط أبوبكر، الذي كان تعقد به الحلقات والدروس. أما النعاثل فكانت الساباطات تتميز بالفخامة، فهي ذات عقود نصف دائرية مرتفعة ومن أهمها ساباط العجاجي، وفريج الملحم، والنعيم.