في التعامل التجاري تجد الكثير من المخارج والحيل لإمضاء الأمور من حيث لا يعلم أحد، لكن وفي المقابل يتفوق الصدق على كل ما سبق ولو بعد حين، فالصدق ينجي صاحبه ويجعل البركة تحل على عمله ورزقه بل وحياته. فكم تاجر تحرى الصدق والوضوح في تعاملاته وجعلها ديدنه حتى ولو استغل البعض شفافيته، فاعتماد ادائه على الجدية والوضوح نجاة حقيقية في مواقف لاحقة لم يكن له منها مخرج، الا بلطف ربه ثم صدقه في عمله. ويحدث العكس حين يبيع التاجر كذبا فتراه ينجح ويقفز احيانا بسرعة في السوق لكن لا يلبث الا وتراه يهوي فجأة ويتلاشى اسمه وكأنه لم يكن. وهذه عبرة لكل من استرعاه الله على تجارة أن يتحرى الصدق في القول والتعامل، وأن يبين ولا يدلس ولا يخفي العيوب من أجل إمضاء العقود، وألا يخشى مناقشة وتبيان نقاط ضعفه حين تذكر، فلا يحرص على أن يبدو كاملا او نموذجيا إن لم يكن، بل يبين ويوضح ويجعل الشخص الذي امامه يثق به. ودليلنا لهذا المنهج حديث رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم: «البيِعان بالخيار ما لم يتفرقا، فإن صدقا وبينا بورك لهما في بيعهما، وإن كتما وكذبا محقت بركة بيعهما». فلنصدق ولو كان الصدق على حسابنا، فبركة الحساب الحقيقي هو ما تبينه لا ما تخفيه، ورب كسب قليل كل الخير فيه.